(قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨) قالَ أَلْقِها يا مُوسى (١٩) فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) (٢٠)
وبيمينك حال عمل فيها معنى الإشارة ، أي قارّة ، أو مأخوذة بيمينك ، أو تلك موصول صلته بيمينك ، والسؤال للتنبيه ليقع المعجز (١) بها بعد التّثبّت ، أو للتوطين لئلا يهوله انقلابها حية ، أو للإيناس ورفع الهيبة في المكالمة (٢).
١٨ ـ (قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها) أعتمد عليها إذا أعييت ، أو وقفت على رأس القطيع ، وعند الطّفرة (وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي) أخبط ورق الشجر على غنمي لتأكله (٣) وَلِيَ فِيها مَآرِبُ) حفص ، جمع مأربة بالحركات الثلاث ، وهي الحاجة (أُخْرى) والقياس أخر وإنما قال أخرى ردا إلى الجماعة ، أو لنسق الآي ، وكذا الكبرى ، ولما ذكر بعضها شكرا أجمل الباقي حياء من التطويل ، أو ليسأل عنها الملك العلام فيزيد في الإكرام ، والمآرب الأخر أنها كانت تماشيه وتحدثه وتحارب العدو والسباع ، وتصير رشاء (٤) فتطول بطول البئر وتصير شعبتاها دلوا ، وتكونان شمعتين بالليل ، وتحمل زاده ، ويركزها (٥) فتثمر ثمرة يشتهيها ، ويركزها فينبع الماء فإذا رفعها نضب ، وكانت تقيه الهوام ، والزيادة على الجواب لتعداد النّعم شكرا ، أو لأنها جواب سؤال آخر ، لأنه لمّا قال هي عصاي قيل له ما تصنع بها؟ فأخذ بعدّ (٦) منافعها.
١٩ ـ (قالَ أَلْقِها يا مُوسى) اطرح عصاك لتفزع مما تتكئ عليه فلا تسكن إلا بنا وترى (٧) كنه ما فيها من المآرب فتعتمد علينا في المطالب.
٢٠ ـ (فَأَلْقاها) فطرحها (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) تمشي سريعا ، قيل انقلبت ثعبانا يبتلع الصخر والشجر فلما رآه يبتلع (٨) كلّ شيء خاف ، وإنما وصفت بالحية هنا وبالثعبان (٩) وهو العظيم من الحيات وبالجان (١٠) وهو الدقيق في غيرها لأنّ الحية اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والصغير والكبير ، وجاز أن تنقلب حية صفراء دقيقة ثم يتزايد جرمها حتى تصير ثعبانا فأريد بالجان أول حالها وبالثعبان مآلها ، أو لأنها كانت
__________________
(١) في (ز) لتقع المعجزة.
(٢) في (ظ) و (ز) الهيبة للمكالمة.
(٣) في (ز) لتأكل.
(٤) رشاء : حبلا.
(٥) يركزها : يغرزها في الأرض.
(٦) في (ظ) يعد ، وفي (ز) يعدد.
(٧) زاد في (ز) فيها.
(٨) في (ظ) و (ز) رآها تبتلع.
(٩) في الآية ١٠٧ من سورة الأعراف وفي الآية ٣٢ من سورة الشعراء.
(١٠) في الآية ١٠ من سورة النمل وفي الآية ٣١ من سورة القصص.