(قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى (٢١) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى (٢٣) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) (٢٤)
في عظم الثعبان وسرعة الجان ، وقيل كان بين لحييها أربعون ذراعا.
٢١ ـ ولما (قالَ) له ربّه (خُذْها وَلا تَخَفْ) بلغ من ذهاب خوفه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحييها (سَنُعِيدُها) سنردّها (سِيرَتَهَا الْأُولى) تأنيث الأول ، والسيرة : الحالة التي يكون عليها الإنسان ، غريزية كانت أو مكتسبة ، وهي في الأصل فعلة من السير كالرّكبة من الركوب ، ثم استعملت بمعنى الحالة والطريقة وانتصبت على الظرف ، أي سنعيدها في طريقتها الأولى ، أي في حال ما كانت عصا ، والمعنى نردّها عصا كما كانت ، وأري ذلك موسى عند المخاطبة لئلا يفزع منها إذا انقلبت حية عند فرعون.
ثم نبّه على آية أخرى فقيل (١) :
٢٢ ـ (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ) إلى جنبك تحت العضد وجناحا الإنسان جنباه ، والأصل المستعار منه جناحا الطائر سميا جناحين لأنه يجنّحهما (٢) عند الطيران ، والمعنى أدخلها تحت عضدك (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) لها شعاع كشعاع الشمس تغشي (٣) البصر (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) برص (آيَةً أُخْرى) لنبوتك ، بيضاء وآية حالان معا ، ومن غير سوء من (٤) صلة بيضاء كقولك ابيضت من غير سوء ، وجاز أن ينتصب آية بفعل محذوف يتعلق به لام : (٥)
٢٣ ـ (لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى) أي خذ هذه الآية أيضا بعد قلب العصا حية لنريك بهاتين الآيتين بعض آياتنا الكبرى العظمى ، أو لنريك بهما الكبرى من آياتنا ، أو المعنى فعلنا ذلك لنريك من آياتنا الكبرى.
٢٤ ـ (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) جاوز حدّ العبودية إلى دعوى الربوبية.
ولما أمره بالذهاب إلى فرعون الطاغي وعرف أنه كلّف أمرا عظيما يحتاج إلى صدر فسيح :
__________________
(١) في (ز) فقال.
(٢) زاد في (ظ) و (ز) أي يميلهما.
(٣) في (ظ) تغشي وفي (ز) يغشى.
(٤) ليست في (ظ) و (ز).
(٥) في (ز) الأمر.
تفسير النسفي ج ٣ / م ٦