(وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (١٤) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٦) وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) (١٧)
وكوفي لأنه اسم علم للوادي وهو بدل منه ، وغيرهم بغير تنوين بتأويل البقعة ، وقرأ أبو زيد (١) بكسر الطاء بلا تنوين.
١٣ ـ (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) اصطفيتك للنبوة ، وإنّا اخترناك حمزة (فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى) إليك ، للذي يوحى أو للوحي ، واللام يتعلق باستمع أو باخترتك.
١٤ ـ (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي) وحّدني وأطعني (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) لتذكرني فيها لاشتمال الصلاة على الأذكار ، أو لأني ذكرتها في الكتب وأمرت بها ، أو لأن أذكرك بالمدح والثناء ، أو لذكري خاصة لا تشوبه بذكر غيري ، أو لتكون لي ذاكرا غير ناس ، أو لأوقات ذكري وهي مواقيت الصلاة لقوله : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) (٢) وقد حمل على ذكر الصلاة بعد نسيانها وذا يصحّ بتقدير حذف المضاف أي لذكر صلاتي ، وهذا دليل على أنه لا فريضة بعد التوحيد أعظم منها.
١٥ ـ (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ) لا محالة (أَكادُ) أريد عن الأخفش ، وقيل صلة (أُخْفِيها) قيل هو من الأضداد ، أي أظهرها أو أسترها عن العباد فلا أقول هي آتية لإرادتي إخفاءها ، ولو لا ما في الأخبار بإتيانها مع تعمية وقتها من الحكمة وهو أنهم إذا لم يعلموا متى تقوم كانوا على وجل منها في كلّ وقت لما أخبرت به (لِتُجْزى) متعلق بآتية (كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) بسعيها من خير أو شر.
١٦ ـ (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها) فلا يصرفنّك عن العمل للساعة أو عن إقامة الصلاة أو عن الإيمان بالقيامة ، فالخطاب لموسى والمراد به أمته (مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها) لا يصدق بها (وَاتَّبَعَ هَواهُ) في مخالفة أمره (فَتَرْدى) فتهلك.
١٧ ـ (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) ما مبتدأ وتلك خبره ، وهي بمعنى هذه ،
__________________
(١) أبو زيد : هو سعيد بن أوس بن ثابت ، أبو زيد الأنصاري النحوي ، ولد سنة ١٢٠ ه وكان من جلة أصحاب أبي عمرو بن العلاء وكبرائهم مات سنة ٢١٥ ه (غاية النهاية ١ / ٣٠٥).
(٢) النساء ، ٤ / ١٠٣.