(إلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (٦٠) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (٦٢)
وبفتح اللام لعقب الخير ، عن ابن عباس : هم اليهود (أَضاعُوا الصَّلاةَ) تركوا الصلاة المفروضة (وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) ملاذ النفوس ، وعن عليّ رضي الله عنه : من بنى الشديد وركب المنظور ولبس المشهور ، وعن قتادة رضي الله عنه : هو في هذه الأمة (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) جزاء غيّ ، وكلّ شرّ عند العرب غيّ وكلّ خير رشاد ، وعن ابن عباس وابن مسعود هو واد في جهنم أعدّ للمصرّين على الزنا وشارب الخمر وآكل الربا والعاق وشاهد الزور.
٦٠ ـ (إِلَّا مَنْ تابَ) رجع عن كفره (وَآمَنَ) بشرطه (وَعَمِلَ صالِحاً) بعد إيمانه (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) بضم الياء وفتح الخاء مكي وبصري وأبو بكر (وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) أي لا ينقصون شيئا من جزاء أعمالهم ولا يمنعونه بل يضاعف لهم ، أو لا يظلمون شيئا من الظلم.
٦١ ـ (جَنَّاتِ) بدل من الجنة لأن الجنة تشتمل على جنات عدن لأنها جنس ، أو نصب على المدح (عَدْنٍ) معرّفة لأنها علم لمعنى العدن ، وهو الإقامة ، أو علم لأرض الجنة لكونها مقام إقامة (الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ) أي عباده التائبين المؤمنين الذي يعملون الصالحات كما سبق ذكرهم ، ولأنه أضافهم إليه ، وهو للاختصاص وهؤلاء أهل الاختصاص (بِالْغَيْبِ) أي وعدها وهي غائبة عنهم غير حاضرة ، أو هم غائبون عنها لا يشاهدونها (إِنَّهُ) ضمير الشأن أو ضمير الرحمن (كانَ وَعْدُهُ) أي موعوده وهو الجنة (مَأْتِيًّا) أي هم يأتونها.
٦٢ ـ (لا يَسْمَعُونَ فِيها) في الجنة (لَغْواً) فحشا أو كذبا ، أو ما لا طائل تحته من الكلام وهو المطروح منه ، وفيه تنبيه على وجوب تجنّب اللغو واتقائه حيث نزّه الله عنه داره التي لا تكليف فيها (إِلَّا سَلاماً) أي لكن يسمعون سلاما من الملائكة ، أو من بعضهم على بعض ، أو لا يسمعون فيها إلا قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة ، فهو استثناء منقطع عند الجمهور ، وقيل معنى السلام هو الدعاء بالسلامة ، ولما كان أهل دار السلام أغنياء عن الدعاء بالسلامة كان ظاهره من باب اللغو وفضول الحديث لو لا ما فيه من فائدة الإكرام (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) أي يؤتون بأرزاقهم على مقدار طرفي النهار من الدنيا إذ لا ليل ولا نهار ، ثم لأنهم في النور أبدا ، وإنما