(أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا (٥٨) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) (٥٩)
الجنة لا شيء أعلى من الجنة ، وذلك أنه حبّب لكثرة عبادته إلى الملائكة ، فقال لملك الموت أذقني الموت يهن عليّ ففعل ذلك بإذن الله ، فحيى ، وقال أدخلني النار أزدد رهبة ، ففعل ، ثم قال أدخلني الجنة أزدد رغبة ، ثم قال له : اخرج ، فقال : قد ذقت الموت ووردت النار فما أنا بخارج من الجنة ، فقال الله عزوجل : بإذني فعل وبإذني دخل فدعه.
٥٨ ـ (أُولئِكَ) إشارة إلى المذكورين في السورة من زكرياء إلى إدريس (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ) من للبيان لأن جميع الأنبياء منعم عليهم (مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ) من للتبعيض ، وكان إدريس من ذرية آدم لقربه منه لأنه جد أبي نوح (وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) إبراهيم من ذرية من حمل مع نوح لأنه ولد سام بن نوح (وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ) إسماعيل وإسحاق ويعقوب (وَإِسْرائِيلَ) أي ومن ذرية إسرائيل أي يعقوب ، وهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى لأنّ مريم من ذريته (وَمِمَّنْ) يحتمل العطف على من الأولى والثانية (هَدَيْنا) لمحاسن الإسلام (وَاجْتَبَيْنا) من الأنام ، أو لشرح الشريعة وكشف الحقيقة (إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ) أي إذا تليت عليهم كتب الله المنزلة ، وهو كلام مستأنف إن جعلت الذين خبرا لأولئك ، وإن جعلته صفة له كان خبرا. يتلى بالياء قتيبة (١) لوجود الفاصل مع أنّ التأنيث غير حقيقي (خَرُّوا سُجَّداً) سقطوا على وجوههم رغبة (وَبُكِيًّا) باكين رهبة جمع باك كسجود وقعود في جمع ساجد وقاعد ، في الحديث : (اتلوا القرآن وابكوا وإن لم تبكوا فتباكوا) (٢) وعن صالح المري (٣) : قرأت القرآن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المنام فقال لي : (يا صالح هذه القراءة فأين البكاء؟) ويقول في سجود التلاوة سبحان ربي الاعلى ثلاثا.
٥٩ ـ (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ) فجاء من بعد هؤلاء المفضّلين (خَلْفٌ) أولاد سوء
__________________
(١) قتيبة : هو قتيبة بن مهران الأصبهاني ، يكنى أبا عبد الرحمن الأزاذاني ، إمام ، مقرئ ، صالح ، ثقة ، أخذ القراءة عرضا عن الكسائي مات بعد المائتين (غاية النهاية ٢ / ٢٦).
(٢) إسحاق والبزار وأبو يعلى والحارث ، والبيهقي في الشعب.
(٣) صالح المري : صالح بن بشير المري ، قارئ ، واعظ كان سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي يحضران مجلسه ، أسند عن الحسن وثابت وقتادة وغيرهم (حلية الأولياء ٦ / ١٦٥).