(ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٣٨)
٣٥ ـ (ما كانَ لِلَّهِ) ما ينبغي له (أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ) جيء بمن لتأكيد النفي (سُبْحانَهُ) نزّه ذاته عن اتخاذ الولد (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) بالنصب شامي ، أي كما قال لعيسى كن فكان من غير أب ومن كان متصفا بهذا كان منزّها أن يشبّه الحيوان الوالد.
٣٦ ـ (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) بالكسر شامي وكوفي على الابتداء ، وهو من كلام عيسى ، يعني كما أنا عبده فأنتم عبيده ، وعليّ وعليكم أن نعبده ، ومن فتح عطف على بالصلاة أي وأوصاني بالصلاة وبالزكاة وبأنّ الله ربّي وربّكم ، أو علّقه بما بعده أي ولأنّ الله ربّي وربّكم فاعبدوه (هذا) الذي (١) ذكرت (صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا.
٣٧ ـ (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ) الحزب الفرقة المنفردة برأيها عن غيرها ، وهم ثلاث فرق نسطورية ويعقوبية وملكانية (مِنْ بَيْنِهِمْ) من بين أصحاب عيسى (٢) أو من بين قومه ، أو من بين الناس ، وذلك أنّ النصارى اختلفوا في عيسى حين رفع ، ثم اتفقوا على أن يرجعوا إلى قول ثلاثة كانوا عندهم أعلم أهل زمانهم ، وهم يعقوب ونسطور وملكاء (٣) ، فقال يعقوب : هو الله هبط إلى الأرض ثم صعد إلى السماء ، وقال نسطور : كان ابن الله أظهره ما شاء ثم رفعه إليه ، وقال الثالث : كذبوا كان عبدا مخلوقا نبيا فتبع كلّ واحد منهم قوم (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) من الأحزاب إذ الواحد منهم على الحقّ (مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) هو يوم القيامة ، أي (٤) من شهودهم هول الحساب والجزاء في يوم القيامة ، أو من شهادة ذلك اليوم عليهم ، وأن تشهد عليهم الملائكة والأنبياء وجوارحهم بالكفر ، أو من مكان الشهادة ، أو وقتها ، أو المراد يوم اجتماعهم للتشاور فيه وجعله عظيما لفظاعة ما شهدوا به في عيسى.
٣٨ ـ (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا) الجمهور على أنّ لفظه أمر ومعناه التعجب ، والله تعالى لا يوصف بالتعجب ولكن المراد أنّ إسماعهم وإبصارهم جدير بأن يتعجّب
__________________
(١) سقطت من (ز).
(٢) في (ظ) و (ز) من بين أصحابه.
(٣) في (ز) ملكان.
(٤) في (ظ) و (ز) أو.