(إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٣٨) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً) (٣٩)
(أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) أي أخرجنا من النار ردّنا إلى الدنيا نؤمن بدل الكفر ونطع بدل (١) المعصية ، فيجابون (٢) بعد فدر (٣) عمر الدنيا (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) يجوز أن يكون ما نكرة موصوفة أي تعميرا يتذكّر فيه من تذكّر ، وهو متناول لكلّ عمر تمكّن فيه المكلّف من إصلاح شأنه وإن قصر ، إلا أنّ التوبيخ في المتطاول أعظم ، ثم قيل (٤) هو ثمان عشرة سنة ، وقيل أربعون ، وقيل ستون (٥) (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) الرسول عليهالسلام ، أو الشيب (٦) ، وهو عطف على معنى أولم نعمّركم ، لأنّ لفظه لفظ استخبار ومعناه إخبار ، كأنه قيل قد عمّرناكم وجاءكم النذير (فَذُوقُوا) العذاب (فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) ناصر يعينهم.
٣٨ ـ (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ما غاب فيهما عنكم (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) كالتعليل ، لأنه إذا علم ما في الصدور وهو أخفى ما يكون فقد علم كلّ غيب في العالم ، وذات الصدور مضمراتها وهي تأنيث ذو في نحو قول أبي بكر رضي الله عنه : ذو بطن خارجة جارية ، أي ما في بطنها من الحبل ، لأن الحبل يصحب البطن ، وكذا المضمرات تصحب الصدور ، وذو موضوع بمعنى (٧) الصحبة.
٣٩ ـ (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) يقال للمستخلف خليفة ، ويجمع على خلائف ، والمعنى أنه جعلكم خلفاء في أرضه ، قد ملّككم مقاليد التصرف فيها ، وسلّطكم على ما فيها ، وأباح لكم منافعها ، لتشكروه بالتوحيد والطاعة (فَمَنْ كَفَرَ) منكم وغمط مثل هذه النعمة السّنيّة (فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) فوبال كفره راجع عليه ، وهو مقت الله وخسار الآخرة ، كما قال (وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً) وهو أشدّ
__________________
(١) في (ز) بعد.
(٢) في (ز) فيجاوبون.
(٣) فدر : انقطع (انظر القاموس ٢ / ١٠٨).
(٤) في (ظ) وقيل.
(٥) زاد في (ز) سنة.
(٦) في (ز) المشيب.
(٧) في (ظ) و (ز) لمعنى.