(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (١٤)
(وَمِنْ كُلٍ) ومن كلّ واحد منهما (تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) وهو السمك (وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) وهي اللؤلؤ والمرجان (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ) في كلّ (مَواخِرَ) شقاقّ (١) للماء بجريها ، يقال مخرت السفينة الماء أي شقّته وهي جمع ماخرة (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) من فضل الله ، ولم يجر له ذكر في الآية ، ولكن فيما قبلها ، ولو لم يجر لم يشكل لدلالة المعنى عليه (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله على ما آتاكم من فضله. ضرب البحرين العذب والملح مثلين للمؤمن والكافر ، ثم قال على سبيل الاستطراد في صفة البحرين وما علّق بهما من نعمته وعطائه ، ويحتمل غير طريقة الاستطراد ، وهو أن يشبه الجنسين بالبحرين ثم يفضّل البحر الأجاج على الكافر بأنه قد شارك العذب في منافع من السمك واللؤلؤ وجري الفلك فيه ، والكافر خلو من النفع فهو في طريقة قوله تعالى : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) ثم قال : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) (٢).
١٣ ـ (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) يدخل من ساعات أحدهما في الآخر حتى يصير الزائد منهما خمس عشرة ساعة والناقص تسعا (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) أي ذلّل أضوأ صورة لأسوأ سيرة (٣) (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) أي يوم القيامة ينقطع جريهما (ذلِكُمُ) مبتدأ (اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ) أخبار مترادفة ، أو الله ربّكم خبر إنّ وله الملك جملة مبتدأة واقعة في قران قوله (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) يعني الأصنام التي تعبدونها من دون الله ، يدعون قتيبة (٤) (ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) وهي القشرة الرقيقة الملتفة على النواة.
١٤ ـ (إِنْ تَدْعُوهُمْ) أي الأصنام (لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) لأنهم جماد (وَلَوْ سَمِعُوا) على سبيل الفرض (مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ) لأنهم لا يدّعون ما تدّعون لهم من
__________________
(١) في (ظ) و (ز) شواق.
(٢) البقرة ، ٢ / ٧٤.
(٣) في (ز) أضواء صوره لاستواء سيره.
(٤) قتيبة بن مهران سبق ترجمته في ١٩ / ٥٨.