(وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (٣٨) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٣٩) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) (٤٠)
في حكم التأنيث ، والزلفى والزلفة كالقربى والقربة ومحلّها النصب على المصدر ، أي تقرّبكم قربة كقوله : (أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (١) (إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) الاستثناء من كم في تقربكم ، يعني أنّ الأموال لا تقرّب أحدا إلّا المؤمن الصالح الذي ينفقها في سبيل الله ، والأولاد لا تقرّب أحدا إلّا من علّمهم الخير ووفقهم (٢) في الدين ورشّحهم للصلاح والطاعة ، وعن ابن عيسى (٣) : إلّا بمعنى لكن ومن شرط جوابه (فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ) وهو من إضافة المصدر إلى المفعول ، أصله فأولئك لهم أن يجازوا الضّعف ، ثم جزاء الضعف ، ثم جزاء الضعف ، ومعنى جزاء الضّعف أن تضاعف لهم حسناتهم الواحدة عشرا ، وقرأ يعقوب جزاء الضعف على فأولئك لهم الضعف جزاء (بِما عَمِلُوا) بأعمالهم (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ) أي غرف منازل الجنة ، الغرفة حمزة (آمِنُونَ) من كلّ هائل وشاغل.
٣٨ ـ (وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا) في إبطالها (مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ).
٣٩ ـ (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ) يوسّع (لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ) ما شرطية في موضع النصب (مِنْ شَيْءٍ) بيانه (فَهُوَ يُخْلِفُهُ) يعوّضه لا معوّض سواه ، إما عاجلا بالمال أو آجلا بالثواب ، جواب الشرط (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) المطعمين ، لأنّ كلّ ما رزق غيره من سلطان أو سيد أو غيرهما فهو من رزق الله أجراه على أيدي هؤلاء ، وهو خالق الرزق وخالق الأسباب التي بها ينتفع المرزوق بالرزق ، وعن بعضهم : الحمد لله الذي أوجدني وجعلني ممن يشتهي فكم من مشته لا يجد وواجد لا يشتهي.
٤٠ ـ (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) وبالياء (٤) فيهما حفص ويعقوب ، هذا خطاب للملائكة وتقريع للكفار وارد على المثل السائر :
__________________
(١) نوح ، ٧١ / ١٧.
(٢) في (ظ) و (ز) وفقههم.
(٣) في (ز) ابن عباس : وهو تصحيف.
(٤) في مصحف النسفي : نحشرهم ونقول بالنون. لذلك قال : وبالياء ... وهي قراءة.