(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) (٣٧)
ونهارا وحملكم إيانا على الشرك واتخاذ الأنداد (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ) أضمروا أو أظهروا ، وهو من الأضداد ، وهم الظالمون في قوله إذ الظالمون موقوفون يندم المستكبرون على ضلالهم وإضلالهم ، والمستضعفون على ضلالهم واتّباعهم المضلّين (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) أي (١) الجحيم (وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي في أعناقهم ، فجاء بالصريح للدلالة على ما استحقوا به الأغلال (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) في الدنيا.
٣٤ ـ (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ) نبيّ (إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) متنعّموها ورؤساؤها (إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) هذه تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوسلم مما مني به من قومه من التكذيب والكفر بما جاء به ، وأنه لم يرسل قطّ إلى أهل قرية من نذير إلا قالوا له مثل ما قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أهل مكة وافتخروا بكثرة الأموال والأولاد ، كما قال :
٣٥ ـ (وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) أرادوا أنهم أكرم على الله من أن يعذّبهم نظرا إلى أحوالهم في الدنيا ، وظنّوا أنهم لو لم يكرموا على الله لما رزقهم (٢) ولو لا أنّ المؤمنين هانوا عليه لما حرمهم ، فأبطل الله ظنّهم بأنّ الرزق فضل من الله يقسمه كيف يشاء ، فربما وسّع على العاصي وضيّق على المطيع ، وربما عكس ، وربما وسّع عليهما ، أو ضيّق عليهما ، فلا ينقاس عليهما أمر الثواب بقوله (٣) :
٣٦ ـ (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) قدر الرزق تضييقه ، قال الله تعالى : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) (٤) (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ذلك.
٣٧ ـ (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) أي وما جماعة أموالكم ولا جماعة أولادكم بالتي تقرّبكم ، وذلك أنّ الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء
__________________
(١) ليس في (ز) أي.
(٢) زاد في (ظ) و (ز) الله.
(٣) في (ز) وذلك قوله.
(٤) الطلاق ، ٦٥ / ٧.