(وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٨) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ (٣٠) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) (٣١)
٢٨ ـ (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) إلّا إرسالة عامة لهم محيطة بهم ، لأنها إذا شملتهم فقد كفّتهم أن يخرج منها أحد منهم. وقال الزّجّاج : معنى الكافّة في اللغة الإحاطة ، والمعنى أرسلناك جامعا للناس في الإنذار والإبلاغ ، فجعله حالا من الكاف ، والتاء على هذا للمبالغة كتاء الراوية والعلّامة (بَشِيراً) بالفضل لمن أقرّ (وَنَذِيراً) بالعدل لمن أصرّ (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) فيحملهم جهلهم على مخالفتك.
٢٩ ـ (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) أي القيامة المشار إليها في قوله قل يجمع بيننا ربّنا (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
٣٠ ـ (قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ) الميعاد ظرف الوعد من مكان أو زمان ، وهو هنا الزمان ويدل عليه قراءة من قرأ ميعاد يوم فأبدل منه اليوم ، وأما الإضافة فإضافة تبيين كما تقول بعير سانية (١) (لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) أي لا يمكنكم التأخر عنه بالاستمهال ولا التقدم إليه بالاستعجال ، ووجه انطباق هذا الجواب على سؤالهم أنهم سألوا عن ذلك وهم منكرون له تعنتا لا استرشادا ، فجاء الجواب على طريق التهديد مطابقا للسؤال على الإنكار والتعنت ، وأنهم مرصدون ليوم يفاجئهم فلا يستطيعون تأخرا عنه ولا تقدما عليه.
٣١ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي أبو جهل وذووه (لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي ما نزل قبل القرآن من كتب الله ، أو القيامة والجنة والنار ، يعني (٢) أنهم جحدوا أن يكون القرآن من الله ، وأن يكون لما دل عليه من الإعادة للجزاء حقيقة (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ) محبوسون (عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ) يردّ (بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ) في الجدال ، أخبر عن عاقبة أمرهم ومآلهم في الآخرة
__________________
(١) بعير سانية : وهي الناقة التي يستقى عليها.
(٢) في (ظ) و (ز) حتى.