(فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (١٤) لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (١٥)
(الشَّكُورُ) المتوفر على أداء الشكر ، الباذل وسعه فيه ، قد شغل به قلبه ولسانه وجوارحه اعتقادا واعترافا وكدحا ، وعن ابن عباس رضي الله عنه : من يشكر على أحواله كلّها وقيل من يشكر على الشكر ، وقيل من يرى عجزه عن الشكر ، وعن داود (١) عليهالسلام أنه جزّأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم تكن تأتي ساعة من الساعات إلّا وإنسان من آل داود قائم يصلي.
١٤ ـ (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) أي على سليمان (ما دَلَّهُمْ) أي الجنّ وآل داود (عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) أي الأرضة ، وهي دويبة يقال لها سرفة ، والأرض فعلها فأضيفت إليه ، يقال أرضت الخشبة أرضا إذا أكلتها الأرضة (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) والمنسأة العصا (٢) لأنه ينسىء (٣) بها أي يطرد ، ومنساته بغير همز مدني وأبو عمرو (فَلَمَّا خَرَّ) سقط سليمان (تَبَيَّنَتِ الْجِنُ) علمت الجنّ كلّهم علما بينا بعد التباس الأمر على عامتهم وضعفتهم (أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا) بعد موت سليمان (فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) وروي أنّ داود عليهالسلام أسس بناء بيت المقدس في موضع فسطاط موسى عليهالسلام ، فمات قبل أن يتمّه ، فوصّى به إلى سليمان ، فأمر الشياطين بإتمامه ، فلما بقي من عمره سنة سأل ربّه أن يعمّي عليهم موته حتى يفرغوا منه ، ولتبطل دعواهم علم الغيب ، وكان عمر سليمان ثلاثا وخمسين سنة ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، فبقي في ملكه أربعين سنة ، وابتدأ بناء بيت المقدس لأربع مضين من ملكه ، وروي أنّ أفريدون جاء ليصعد كرسيّه فلما دنا ضرب الأسدان ساقه فكسراها فلم يجسر أحد بعده أن يدنو منه.
١٥ ـ (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ) بالصرف بتأويل الحي ، وبعدمه أبو عمرو بتأويل القبيلة (فِي مَسْكَنِهِمْ) حمزة وحفص ، مسكنهم عليّ وخلف ، وهو موضع سكناهم ، وهو بلدهم وأرضهم التي كانوا مقيمين فيها باليمن ، أو مسكن كلّ واحد منهم ، غيرهم
__________________
(١) في (ز) وحكي عن داود.
(٢) في (ز) والعصا تسمى منسأة.
(٣) في (ظ) و (ز) ينسأ.