(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٣) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) (٥)
وأنواع البركات (وَما يَعْرُجُ فِيها) يصعد إليها من الملائكة والدعوات (وَهُوَ الرَّحِيمُ) بإنزال ما يحتاجون إليه (الْغَفُورُ) لما يجترئون عليه.
٣ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي منكرو البعث (لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) نفي للبعث وإنكار لمجيء الساعة (قُلْ بَلى) أوجب ما بعد النفي ببلى على معنى أن ليس الأمر إلّا إتيانها (وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ) ثم أعيد إيجابهم (١) مؤكدا بما هو الغاية في التوكيد والتشديد ، وهو التوكيد باليمين بالله عزوجل ثم أمدّ التوكيد القسمي بما أتبع المقسم به من الوصف بقوله (عالِمِ الْغَيْبِ) لأنّ عظمة حال المقسم به تؤذن بقوة حال المقسم عليه وبشدة ثباته واستقامته ، لأنه بمنزلة الاستشهاد على الأمر ، وكلما كان المستشهد به أرفع منزلة كانت الشهادة أقوى وآكد والمستشهد عليه أثبت وأرسخ ، ولما كان قيام الساعة من مشاهير الغيوب وأدخلها في الخفية كان الوصف بما يرفع (٢) إلى علم الغيب أولى وأحق. عالم الغيب مدني وشامي ، أي هو عالم الغيب ، علّام الغيب حمزة وعليّ على المبالغة (لا يَعْزُبُ عَنْهُ) وبكسر الزاي عليّ ، يقال عزب ويعزب (٣) إذا غاب وبعد (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) مقدار أصغر نملة (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ) من مثقال ذرة (وَلا أَكْبَرُ) من مثقال ذرة (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) إلّا في اللوح المحفوظ ، ولا أصغر ولا أكبر بالرفع عطف على مثقال ذرة ، ويكون إلّا بمعنى لكن ، أو رفعا بالابتداء (٤) والخبر في كتاب.
٤ ـ واللام في (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لما قصروا فيه من مدارج الإيمان (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) لما صبروا عليه من مناهج الإحسان ، متعلق بلنأتينّكم ، تعليلا له.
٥ ـ (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا) جاهدوا في ردّ القرآن (مُعاجِزِينَ) مسابقين ظانّين
__________________
(١) في (ظ) و (ز) إيجابه.
(٢) في (ظ) و (ز) يرجع.
(٣) في (ظ) و (ز) عزب يعزب ويعزب.
(٤) في (ظ) و (ز) رفعا بالابتداء.