(نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦) وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢٧)
فنعاقبهم على أعمالهم (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) إنّ الله يعلم ما في صدور عباده فيفعل بهم على حسبه.
٢٤ ـ (نُمَتِّعُهُمْ) زمانا (قَلِيلاً) بدنياهم (ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ) نلجئهم (إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) شديد ، شبّه إلزامهم التعذيب وإلحاقهم (١) إياه باضطرار المضطرّ إلى الشيء ، والغلظ مستعار من الأجرام الغليظة ، والمراد الشدة بالثقل (٢) على المعذّب.
٢٥ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) إلزام لهم على إقرارهم بأنّ الذي خلق السماوات والأرض هو الله وحده ، وأنه يجب أن يكون له الحمد والشكر ، وأن لا يعبد معه غيره ، ثم قال (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أنّ ذلك يلزمهم ، وإذا نبّهوا عليه لم يتنبّهوا.
٢٦ ـ (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُ) عن حمد الحامدين (الْحَمِيدُ) المستحقّ للحمد وإن لم يحمدوه.
قال المشركون : إنّ هذا أي الوحي كلام سينفد ، فأعلم الله أنّ كلامه لا ينفد بقوله :
٢٧ ـ (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) والبحر (٣) أبو عمرو ويعقوب عطفا على اسم أنّ وهو ما ، والرفع على محلّ أنّ ومعمولها أي ولو ثبت كون الأشجار أقلاما وثبت البحر ممدودا بسبعة أبحر ، أو على الابتداء والواو للحال على معنى ولو أنّ الأشجار أقلام في حال كون البحر ممدودا ، وقرىء يمدّه ، وكان مقتضى الكلام أن يقال ولو أنّ الشجر أقلام والبحر مداد لكن أغنى عن ذكر المداد قوله يمدّه لأنه من قولك مدّ الدواة وأمدّها جعل البحر الأعظم بمنزلة الدواة ، وجعل الأبحر السبعة مملوءة مدادا فهي تصبّ فيه مدادها
__________________
(١) في (ظ) و (ز) إرهاقهم.
(٢) في (ظ) و (ز) والثقل.
(٣) زاد في (ز) بالنصب.