(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٢٣)
ذلك (وَأَسْبَغَ) وأتمّ (عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ) مدني وأبو عمرو وسهل وحفص. نعمة غيرهم ، والنعمة كلّ نفع قصد به الإحسان (ظاهِرَةً) بالمشاهدة (وَباطِنَةً) ما لا يعلم إلا بدليل ثم قيل الظاهرة البصر والسمع واللسان وسائر الجوارح الظاهرة ، والباطنة القلب والعقل والفهم وما أشبه ذلك ، ويروى في دعاء موسى عليهالسلام : إلهي دلني على أخفى نعمتك على عبادك ، فقال أخفى نعمتي عليهم النفس. وقيل تخفيف الشرائع وتضعيف الذرائع ، والخلق والخلق ، ونيل العطايا وصرف البلايا ، وقبول الخلق ورضا الربّ ، وقال ابن عباس : الظاهرة ما سوّى من خلقك والباطنة ما ستر من عيوبك. (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) نزلت في النضر بن الحارث ، وقد مر في الحج.
٢١ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) معناه يتّبعونهم (١) ولو كان الشيطان يدعوهم ، أي في حال دعاء الشيطان إياهم إلى العذاب.
٢٢ ـ (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ) عدّي هنا بإلى ، وفي : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) (٢) باللام فمعناه مع اللام أنه جعل وجهه وهو ذاته ونفسه سالما لله أي خالصا له ، ومعناه مع إلى أنه سلّم إليه نفسه كما يسلّم المتاع إلى الرجل إذا دفع إليه ، والمراد التوكل عليه والتفويض إليه (وَهُوَ مُحْسِنٌ) فيما يعمل (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ) تمسّك وتعلّق (بِالْعُرْوَةِ) هي ما يعلّق به الشيء (الْوُثْقى) تأنيث الأوثق ، مثّل حال المتوكل بحال من أراد أن يتدلّى من شاهق فاحتاط لنفسه بأن استمسك بأوثق عروة من حبل متين مأمون انقطاعه (وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) أي هي صائرة إليه فيجازي عليها.
٢٣ ـ (وَمَنْ كَفَرَ) ولم يسلّم وجهه لله (فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ) من حزن ، يحزنك نافع من أحزن أي لا يهمنّك كفر من كفر (إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا)
__________________
(١) في (ظ) و (ز) أيتبعونهم.
(٢) البقرة ، ٢ / ١١٢.