(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩) أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (٢٠)
المتكبرون (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) أي تمرح مرحا ، أو أوقع المصدر موقع الحال أي مرحا ، أو ولا تمش لأجل المرح والأشر (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ) متكبر (فَخُورٍ) من يعدّد مناقبه تطاولا.
١٩ ـ (وَاقْصِدْ) القصد التوسط بين العلوّ والتقصير (فِي مَشْيِكَ) أي اعدل فيه حتى يكون مشيا بين مشيين لا تدبّ دبيب المتماوتين ، ولا تثب وثب (١) الشّطّار ، قال عليهالسلام : (سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن) (٢) وأما قول عائشة في عمر رضي الله عنه : كان إذا مشى أسرع (٣) ، فإنما أرادت السرعة المرتفعة عن دبيب المتماوت ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه : كانوا ينهون عن خبب اليهود ودبيب النصارى ، ولكن مشيا بين ذلك ، وقيل معناه وانظر موضع قدميك متواضعا (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) وانقص منه أي اخفض صوتك (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) أوحشها (٤) (لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) لأنّ أوله زفير وآخره شهيق كصوت أهل النار ، وعن الثوري صياح كلّ شيء تسبيح إلا الحمار ، فإنه يصيح لرؤية الشيطان ، ولذلك سمّاه الله منكرا ، وفي تشبيه الرافعين أصواتهم بالحمير وتمثيل أصواتهم بالنّهاق تنبيه على أنّ رفع الصوت في غاية الكراهة يؤيده ما روي أنه عليهالسلام كان يعجبه أن يكون الرجل خفيض الصوت ويكره أن يكون جهور الصوت ، وإنما وحّد صوت الحمير ولم يجمع لأنه لم يرد أن يذكر صوت كلّ واحد من آحاد هذا الجنس حتى يجمع ، بل المراد أنّ كلّ جنس من الحيوان له صوت ، وأنكر أصوات هذه الأجناس صوت هذا الجنس فوجب توحيده.
٢٠ ـ (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ) يعني الشمس والقمر والنجوم والسحاب وغير ذلك (وَما فِي الْأَرْضِ) يعني البحار والأنهار والمعادن والدواب وغير
__________________
(١) في (ظ) و (ز) وثوب.
(٢) أخرجه ابن عدي وأبو نعيم في الحلية من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وابن عمر. وهو ضعيف ، في إسناده عمار بن مطرد وهو متروك ، وتابعه الوليد بن سلمة وهو أو هى منه. قاله ابن حجر.
(٣) ذكره ابن الأثير في النهاية وابن سعد في الطبقات.
(٤) في (ظ) و (ز) أي أوحشها.