(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦) يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (١٨)
١٦ ـ (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) بالرفع مدني ، والضمير للقصة وأنث المثقال لإضافته إلى الحبة كما قال (١) :
كما شرقت صدر القناة من الدم.
وكان تامة ، والباقون بالنصب ، والضمير للهنة من الإساءة والإحسان أي إن كانت مثلا في الصّغر كحبة خردل (فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ) أي فكانت مع صغرها في أخفى موضع وأحرزه كجوف الصخرة ، أو حيث كانت في العالم العلوي أو السفلي ، والأكثر على أنها الصخرة (٢) التي عليها الأرض ، وهي السّجّين يكتب فيها أعمال الفجار وليست من الأرض (يَأْتِ بِهَا اللهُ) يوم القيامة فيحاسب بها عاملها (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) يتوصّل علمه إلى كلّ خفي (خَبِيرٌ) عالم بكنهه ، أو لطيف باستخراجها خبير بمستقرّها.
١٧ ـ (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ) في ذات الله تعالى إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر ، أو على ما أصابك من المحن فإنها تورث المنح (إِنَّ ذلِكَ) الذي أوصيك (٣) به (مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) أي مما عزمه الله من الأمور أي قطعه قطع إيجاب وإلزام ، أي أمرهم (٤) به أمرا حتما ، وهو من تسمية المفعول بالمصدر ، وأصله من معزومات الأمور أي مقطوعاتها ومفروضاتها ، وهذا دليل على أنّ هذه الطاعات كانت مأمورا بها في سائر الأمم.
١٨ ـ (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) ولا تعرض (٥) عنهم تكبّرا ، تصاعر أبو عمرو ونافع وحمزة وعليّ وهو بمعنى تصعّر ، والصعر داء يصيب البعير يلوي منه عنقه ، والمعنى أقبل على الناس بوجهك تواضعا ، ولا تولّهم شقّ وجهك وصفحته كما يفعله
__________________
(١) لم أصل إلى أصله.
(٢) ليس في (ز) الصخرة.
(٣) في (ظ) و (ز) وصيتك.
(٤) في (ز) أمر به.
(٥) في (ظ) و (ز) أي ولا تعرض.