وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٥)
(الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لأنه تسوية بين من لا نعمة إلّا وهي منه ومن لا نعمة له أصلا.
١٤ ـ (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) أي حملته تهن وهنا على وهن أي تضعف ضعفا فوق ضعف ، أي يتزايد ضعفها ويتضاعف لأنّ الحمل كلما ازداد أو عظم ازدادت ثقلا وضعفا (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) أي فطامه عن الرّضاع لتمام عامين (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) هو تفسير لوصّينا أي وصيناه بشكرنا وبشكر والديه ، وقوله حملته أمّه وهنا على وهن وفصاله في عامين اعتراض بيّن المفسّر والمفسّر لأنه لما وصّى بالوالدين ذكر ما تكابده الأم وتعانيه من المشاق في حمله وفصاله هذه المدة الطويلة ، تذكيرا بحقها العظيم مفردا ، وعن ابن عيينة (١) : من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ، ومن دعا للوالدين في أدبار الصلوات الخمس فقد شكرهما (إِلَيَّ الْمَصِيرُ) أي مصيرك إليّ وحسابك عليّ.
١٥ ـ (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) أراد بنفي العلم به نفيه ، أي لا تشرك بي ما ليس بشيء ، يريد الأصنام (فَلا تُطِعْهُما) في الشرك (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) صفة مصدر محذوف ، أي صحابا معروفا حسنا ، بخلق جميل وحلم واحتمال وبرّ وصلة (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) أي سبيل المؤمنين في دينك ولا تتبع سبيلهما فيه وإن كنت مأمورا بحسن مصاحبتهما في الدنيا ، وقال ابن عطاء : صاحب من ترى عليه أنوار خدمتي (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) أي مرجعك ومرجعهما (فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فأجازيك على إيمانك وأجازيهما على كفرهما ، وقد اعترض بهاتين الآيتين على سبيل الاستطراد تأكيدا لما في وصية لقمان من النهي عن الشرك ، يعني إنّا وصيناه بوالديه وأمرناه أن لا يطيعهما في الشرك وإن جهدا كلّ الجهد لقبحه.
__________________
(١) ابن عيينة : سبق ترجمته في ٣ / ١٣٦.