(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠) ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) (٤٣)
٤٠ ـ (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) مبتدأ وخبر (ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) أي هو المختصّ بالخلق والرزق والإماتة والإحياء (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) أي أصنامكم التي زعمتم أنهم شركاء الله (مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ) أي (١) الخلق والرزق والإماتة والإحياء (مِنْ شَيْءٍ) أي شيئا من تلك الأفعال ، فلم يجيبوا عجزا ، فقال استبعادا (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ومن الأولى والثانية والثالثة كلّ واحدة منهن مستقلة بتأكيد لتعجيز شركائهم وتجهيل عبدتهم.
٤١ ـ (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) نحو القحط وقلة الأمطار ، والرّيع في الزراعات ، والربح في التجارات ، ووقوع الموتان في الناس والدواب ، وكثرة الحرق والغرق ، ومحق البركات من كلّ شيء (بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) بسبب معاصيهم وشركهم كقوله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (٢) (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) أي ليذيقهم وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة ، وبالنون عن قنبل (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عما هم عليه من المعاصي.
ثم أكد تسبيب المعاصي لغضب الله ونكاله بقوله :
٤٢ ـ (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ) حيث أمرهم بأن يسيروا فينظروا كيف أهلك الله الأمم وأذاقهم سوء العاقبة بمعاصيهم.
٤٣ ـ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ) البليغ الاستقامة الذي لا يتأتى فيه عوج (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ) هو مصدر بمعنى الردّ (مِنَ اللهِ) يتعلق بيأتي ، والمعنى من قبل أن يأتي من الله يوم لا يردّه أحد كقوله تعالى : (فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها) (٣) أو
__________________
(١) زاد في (ظ) و (ز) من.
(٢) الشورى ، ٤٢ / ٣٠.
(٣) الأنبياء ، ٢١ / ٤٠.