فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨) وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) (٣٩)
(يُؤْمِنُونَ) أنكر عليهم بأنهم قد علموا بأنه الباسط القابض (١) فما لهم يقنطون من رحمته وما لهم لا يرجعون إليه تائبين عن المعاصي التي عوقبوا بالشدّة من أجلها حتى يعيد إليهم رحمته.
ولما ذكر أنّ السيئة أصابتهم بما قدّمت أيديهم أتبعه ذكر ما يجب أن يفعل وما يجب أن يترك فقال :
٣٨ ـ (فَآتِ ذَا الْقُرْبى) أعط قريبك (حَقَّهُ) من البرّ والصّلة (وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) نصيبهما من الصدقة المسماة لهما ، وفيه دليل وجوب النفقة للمحارم كما هو مذهبنا (ذلِكَ) أي إيتاء حقوقهم (خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) أي ذاته أي يقصدون بمعروفهم إياه خالصا (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
٣٩ ـ (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ) يريد وما أعطيتم أكلة الرّبا من ربا ليربو في أموالهم ، ليزيد ويزكو في أموالهم (٢) (فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) فلا يزكو عند الله ولا يبارك فيه ، وقيل هو من الرّبا الحلال أي وما تعطونه من الهدية لتأخذوا أكثر منها فلا يربو عند الله لأنكم لم تريدوا بذلك وجه الله (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ) صدقة (تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) تبتغون به وجهه خالصا لا تطلبون به مكافأة ولا رياء ولا سمعة (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) ذوو الأضعاف من الحسنات ، ونظير المضعف المقوي والموسر لذي القوة واليسار. أتيتم من ربا بلا مدّ مكي ، وما غشيتموه من إعطاء ربا ، لتربوا مدني أي لتزيدوا في أموالهم ، وقوله فأولئك هم المضعفون التفات حسن لأنه يفيد التعميم ، كأنه قيل من فعل هذا فسبيله سبيل المخاطبين ، والمعنى المضعفون به لأنه لا بدّ له من ضمير يرجع إلى ما الموصولة ، وقال الزّجّاج في قوله فأولئك هم المضعفون : أي فأهلها هم المضعفون ، أي هم الذين يضاعف لهم الثواب يعطون بالحسنة عشر أمثالها. ثم أشار إلى عجز آلهتهم فقال :
__________________
(١) في (ظ) و (ز) القابض الباسط.
(٢) ليس في (ز) ليزيد ويزكو في أموالهم.