(بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٣٠)
شريكا من خلقه ، ومن للابتداء كأنه قال أخذ مثلا وانتزعه من أقرب شيء منكم وهي أنفسكم (هَلْ لَكُمْ) معاشر الأحرار (مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) عبيدكم ، ومن للتبعيض (مِنْ شُرَكاءَ) من مزيدة لتأكيد الاستفهام الجاري مجرى النفي ، ومعناه هل ترضون لأنفسكم وعبيدكم أمثالكم بشر كبشر وعبيد كعبيد أن يشارككم بعضهم (فِي ما رَزَقْناكُمْ) من الأموال وغيرها (فَأَنْتُمْ) معاشر الأحرار والعبيد (فِيهِ) في ذلك الرزق (سَواءٌ) من غير تفصلة بين حرّ وعبد ، يحكم مماليككم في أموالكم كحكمكم (تَخافُونَهُمْ) حال من ضمير الفاعل في سواء ، أي (١) تخافون معاشرة السادة عبيدكم فيها ، فلا تمضون فيها حكما دون إذنهم خوفا من لائمة تلحقكم من جهتهم (كَخِيفَتِكُمْ) أي خيفة كخيفتكم (٢) (أَنْفُسِكُمْ) يعني كما يخاف بعض الأحرار بعضا فيما هو مشترك بينهم فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم فكيف ترضون لربّ الأرباب ومالك الأحرار والعبيد أن تجعلوا بعض عبيده له شركاء (كَذلِكَ) موضع الكاف نصب أي مثل هذا التفصيل (نُفَصِّلُ الْآياتِ) أي (٣) نبيّنها لأنّ التمثيل مما يكشف المعاني ويوضحها (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يتدبرون في ضرب الأمثال. فلما لم ينزجروا أضرب عنهم ، فقال :
٢٩ ـ (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) أنفسهم بما أشركوا (٤) (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٥) (أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي اتبعوا أهواءهم جاهلين (فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ) أي أضلّه الله تعالى (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) من العذاب.
٣٠ ـ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ) فقوّم وجهك له وعدّله غير ملتفت عنه يمينا ولا شمالا ، وهو تمثيل لإقباله على الدين ، واستقامته عليه ، واهتمامه بأسبابه ، فإنّ من اهتم بالشيء عقد عليه طرفه ، وسدّد إليه نظره ، وقوّم له وجهه (حَنِيفاً) حال عن
__________________
(١) زاد في (ظ) و (ز) متساوون خائفا بعضكم بعضا مشاركته في المال والمعنى.
(٢) ليست في (ز).
(٣) ليس في (ز) أي.
(٤) زاد في (ز) كما قال الله تعالى.
(٥) لقمان ، ٣١ / ١٣.