(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٢٨)
٢٦ ـ (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) منقادون لوجود أفعاله فيهم لا يمتنعون عليه أو مقرّون بالعبودية.
٢٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) أي ينشئهم ثم يعيدهم للبعث (١) (وَهُوَ) أي البعث (أَهْوَنُ) أيسر (عَلَيْهِ) عندكم لأنّ الإعادة عندكم أسهل من الإنشاء فلم أنكرتم الإعادة؟ ، وأخّرت الصلة في قوله وهو أهون عليه وقدّمت في قوله : (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) (٢) لقصد الاختصاص هناك ، وأمّا هنا فلا معنى للاختصاص ، وقال أبو عبيدة والزّجّاج وغيرهما : الأهون بمعنى الهيّن فيوصف به الله عزوجل : (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (٣) كما قالوا الله أكبر أي كبير والإعادة في نفسها عظيمة ولكنها هوّنت بالقياس إلى الإنشاء أو هو أهون على الخلق من الإنشاء لأنّ قيامهم بصيحة واحدة أسهل من كونهم نطفا ثم علقا ثم مضغا إلى تكميل خلقهم (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي الوصف الأعلى الذي ليس لغيره ، وقد عرف به ووصف في السماوات والأرض على ألسنة الخلائق وألسنة الدلائل ، وهو أنه القادر الذي لا يعجز عن شيء من إنشاء وإعادة وغيرهما من المقدورات ، ويدل عليه قوله (وَهُوَ الْعَزِيزُ) أي القاهر لكلّ مقدور (الْحَكِيمُ) الذي يجري كلّ فعل على قضايا حكمته وعلمه ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : المثل الأعلى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (٤) وعن مجاهد : هو قول : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) (٥) ومعناه وله الوصف الأرفع الذي هو الوصف بالوحدانية ، ويعضده قوله :
٢٨ ـ (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ) فهذا مثل ضربه الله عزوجل لمن جعل له
__________________
(١) في (ز) (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) أي ينشئهم (ثُمَّ يُعِيدُهُ) للبعث ، وقد اعدنا ترتيب الآية كما في (أ) و (ظ).
(٢) مريم ، ١٩ / ٩ و ٢١.
(٣) النساء ، ٤ / ٣٠ و ١٦٩. الأحزاب ، ٣٣ / ١٩ و ٣٠.
(٤) الشورى ، ٤٢ / ١١.
(٥) الصافات ، ٣٧ / ٣٥. محمد ، ٤٧ / ١٩.