(وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) (٢٥)
والجمهور على الأول لتكرّره في القرآن ، وأسدّ المعاني ما دلّ عليه القرآن (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) أي يسمعون سماع تدبّر بآذان واعية.
٢٤ ـ (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ) في يريكم وجهان : إضمار أنّ كما في حرف (١) ابن مسعود رضي الله عنه ، وإنزال الفعل منزلة المصدر ، وبهما فسّر المثل تسمع بالمعيديّ (٢) خير من أن تراه ، أي أن تسمع أو سماعك (خَوْفاً) من الصاعقة ، أو من الإخلاف (وَطَمَعاً) في الغيث ، أو خوفا للمسافر وطمعا للحاضر ، وهما منصوبان على المفعول له على تقدير حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، أي إرادة خوف وإرادة طمع ، أو على الحال أي خائفين وطامعين (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ) وبالتخفيف مكي وبصري (ماءً) مطرا (فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يتفكرون بعقولهم.
٢٥ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ) تثبت بلا عمد (السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) أي بإقامته أو بتدبيره (٣) وحكمته (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ) للبعث (دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) من قبوركم ، هذا كقوله يريكم في إيقاع الجملة موقع المفرد على المعنى ، كأنه قال ومن آياته قيام السماوات والأرض واستمساكها بغير عمد ثم خروج الموتى من القبور إذا دعاهم دعوة واحدة يا أهل القبور اخرجوا ، والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقف ، وإنما عطف هذا على قيام السماوات والأرض بثم بيانا لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله ، وهو أن يقول يا أهل القبور قوموا فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر كما قال ، ثم نفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون ، وإذا الأولى للشرط والثانية للمفاجأة ، وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط ، ومن الأرض متعلق بالفعل لا بالمصدر ، وقولك دعوته من مكان كذا يجوز أن يكون مكانك ، ويجوز أن يكون مكان صاحبك.
__________________
(١) أي قراءة ابن مسعود.
(٢) المعيديّ : تصغير المعيد وهو الأسد (انظر القاموس ١ / ٣١٩).
(٣) في (ز) بإقامته وتدبيره وحكمته.