(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢) وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (٢٣)
(مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ) أي آدم وذريته (تَنْتَشِرُونَ) تتصرفون فيما فيه معاشكم ، وإذا للمفاجأة ، وتقديره ثم فاجأتم وقت كونكم بشرا منتشرين في الأرض.
٢١ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها) أي حواء خلقت من ضلع آدم عليهالسلام ، والنساء بعدها خلقن من أصلاب الرجال ، أو من شكل أنفسكم وجنسها لا من جنس آخر ، وذلك لما بين الاثنين من جنس واحد من الإلف والسكون وما بين الجنسين المختلفين من التنافر ، يقال سكن إليه إذا مال إليه (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) أي جعل بينكم التوادّ والتراحم بسبب الزواج ، وعن الحسن : المودة كناية عن الجماع ، الرحمة عن الولد ، وقيل المودة للشابة والرحمة للعجوز ، وقيل المودة والرحمة من الله ، والفرك (١) من الشيطان ، أي بغض المرأة زوجها وبغض الزوج المرأة (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فيعلمون أنّ قوام الدنيا بوجود التناسل.
٢٢ ـ (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ) أي اللغات ، أو أجناس النطق وأشكاله (وَأَلْوانِكُمْ) كالسواد والبياض وغيرهما ، ولاختلاف ذلك وقع التعارف ، وإلا فلو تشاكلت واتفقت لوقع التجاهل والالتباس ولتعطلت المصالح ، وفي ذلك آية بينة حيث ولدوا من أب واحد ، وهم على الكثرة التي لا يعلمها إلا الله متفاوتون (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) (٢) جمع عالم ، وبكسر اللام حفص جمع عالم ويشهد للكسر قوله تعالى : (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) (٣).
٢٣ ـ (وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ) هذا من باب اللفّ ، وترتيبه ومن آياته منامكم وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار ، إلا أنه فصل بين القرينين الأوّلين بالقرينين الآخرين ، أو المراد منامكم في الزمانين وابتغاؤكم فيهما ،
__________________
(١) الفرك : بالكسر ويفتح البغضة عامة (القاموس ٣ / ٣١٥).
(٢) في مصحف النسفي : (لِلْعالِمِينَ) بفتح اللام لذلك قال : ...
(٣) العنكبوت ، ٢٩ / ٤٣.