(وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١١) وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) (١٢)
طأمنّا (١) قلبها وسكّنّا قلقها (٢) الذي حدث به من شدة الفرح لتكون من المؤمنين الواثقين بوعد الله لا بتبني فرعون ، قال يوسف بن الحسين (٣) : أمرت أمّ موسى بشيئين ونهيت عن شيئين وبشّرت ببشارتين ، فلم ينفعها الكلّ حتى تولّى الله حياطتها ، فربط على قلبها.
١١ ـ (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ) مريم (قُصِّيهِ) اتبعي أثره لتعلمي خبره (فَبَصُرَتْ بِهِ) أي أبصرته (عَنْ جُنُبٍ) عن بعد ، حال عن (٤) الضمير في به ، أو من الضمير في بصرت (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أنها أخته.
١٢ ـ (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ) تحريم منع لا تحريم شرع ، أي منعناه أن يرضع ثديا غير ثدي أمّه ، وكان لا يقبل ثدي مرضع حتى أهمّهم ذلك. والمراضع جمع مرضع ، وهي المرأة التي ترضع ، أو جمع مرضع وهو موضع الرّضاع وهو الثدي ، أو الرّضاع (مِنْ قَبْلُ) من قبل قصصها (٥) أثره ، أو من قبل أن نردّه على أمّه (فَقالَتْ) أخته ، وقد دخلت بين المراضع ورأته لا يقبل ثديا (هَلْ أَدُلُّكُمْ) أرشدكم (عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ) أي موسى (لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) النصح إخلاص العمل من شائبة الفساد. روي أنها لما قالت وهم له ناصحون ، قال هامان : إنها لتعرفه وتعرف أهله فخذوها حتى تخبر بقصة هذا الغلام ، فقالت : إنما أردت وهم للملك ناصحون ، فانطلقت إلى أمّها بأمرهم ، فجاءت بها والصبي على يد فرعون يعلّله شفقة عليه ، وهو يبكي يطلب الرضاع ، فحين وجد ريحها استأنس والتقم ثديها ، فقال لها فرعون : ومن أنت منه فقد أبى كلّ ثدي إلا ثديك؟ فقالت : إني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن لا أوتي بصبي إلا قبلني ، فدفعه إليها ، وأجرى عليها ، وذهبت به إلى بيتها ، وأنجز الله وعده في الردّ ، فعندها ثبت واستقرّ في علمها أنه سيكون نبيا وذلك قوله :
__________________
(١) طأمن بمعنى طمأن على القلب.
(٢) في (ز) قلقه.
(٣) يوسف بن الحسين بن علي ، أبو يعقوب الرازي ، زاهد ، صوفي ، من العلماء والأدباء كان شيخ الري والجبال في وقته توفي عام ٣٠٤ ه (الأعلام ٨ / ٢٢٧).
(٤) في (ز) من.
(٥) في (ز) قصها.