(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ (٨) وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٩)
أمران ونهيان ، وخبران وبشارتان ، والفرق بين الخوف والحزن أنّ الخوف غمّ يلحق الإنسان كمتوقّع ، والحزن غمّ يلحقه لواقع وهو فراقه والإخطار به ، فنهيت عنهما ، وبشّرت بردّه إليها ، وجعله من المرسلين. وروي أنه ذبح في طلب موسى تسعون ألف وليد ، وروي أنها حين ضربها الطلق وكانت بعض القوابل الموكلات بحبالى بني إسرائيل مصافية لها ، فعالجتها ، فلما وقع إلى الأرض هالها نور بين عينيه ، ودخل حبّه قلبها فقالت ما جئتك إلا لأقتل مولودك وأخبر فرعون ، ولكن وجدت لابنك حبا ما وجدت مثله فاحفظيه ، فلما خرجت القابلة جاءت عيون فرعون فلفّته في خرقة ووضعته في تنور مسجور ، لم تعلم ما تصنع لما طاش من عقلها ، فطلبوا ، فلم يلقوا شيئا ، فخرجوا وهي لا تدري مكانه ، فسمعت بكاءه من التنور ، فانطلقت إليه وقد جعل الله النار بردا وسلاما ، فلما ألح فرعون في طلب الولدان أوحي إليها بإلقائه في اليم (١) بعد أن أرضعته ثلاثة أشهر.
٨ ـ (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ) أخذه ، قال الزّجّاج : كان فرعون من أهل فارس من اصطخر (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا) أي ليصير الأمر إلى ذلك لا أنهم أخذوه لهذا ، كقولهم للموت ما تلده الوالدة وهي لم تلد لأن يموت ولدها ولكن المصير إلى ذلك ، كذا قاله الزّجّاج ، وعن هذا قال المفسرون : إنّ هذه لام العاقبة والصيرورة. وقال صاحب «الكشاف» هي لام كي التي معناها التعليل ، كقولك جئتك لتكرمني ، ولكن معنى التعليل فيها وارد على طريق المجاز لأنّ ذلك لما كان نتيجة التقاطهم له شبّه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله وهو الإكرام الذي هو نتيجة المجيء (وَحَزَناً) وحزنا عليّ وحمزة ، وهما لغتان كالعدم والعدم (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) خاطين تخفيف خاطئين أبو جعفر ، أي كانوا مذنبين فعاقبهم الله بأن ربّى عدوّهم ومن هو سبب هلاكهم على أيديهم ، أو كانوا خاطئين في كلّ شيء فليس خطؤهم في تربية عدوّهم ببدع منهم.
٩ ـ (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) روي أنهم حين التقطوا التابوت
__________________
(١) في (ظ) و (ز) زاد فألقته في اليم.