(وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (٨٢) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٨٤)
٨٢ ـ (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ) سمّى معنى القول ومؤدّاه بالقول ، وهو ما وعدوا من قيام الساعة والعذاب ، ووقوعه حصوله ، والمراد مشارفة الساعة وظهور أشراطها وحين لا تنفع التوبة (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) هي الجسّاسة ، في الحديث : (طولها ستون ذراعا لا يدركها طالب ولا يفوتها هارب ولها أربع قوائم وزغب وريش وجناحان) (١) وقيل لها رأس ثور ، وعين خنزير ، وأذن فيل ، وقرن أيل ، وعنق نعامة ، وصدر أسد ، ولون نمر ، وخاصرة هرة ، وذنب كبش ، وخفّ بعير ، وما بين المفصلين اثنا عشر ذراعا تخرج من الصّفا فتكلّمهم بالعربية فتقول (أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) أي لا يوقنون بخروجي ، لأنّ خروجها من الآيات ، وتقول ألا لعنة الله على الظالمين ، أو تكلّمهم ببطلان الأديان كلّها سوى دين الإسلام ، أو بأنّ هذا مؤمن وهذا كافر ، وفتح أنّ كوفي وسهل على حذف الجار ، أي تكلّمهم بأن ، وغيرهم كسروا ، لأنّ الكلام بمعنى القول ، أو بإضمار القول ، أي تقول الدابة ذلك ويكون المعنى بآيات ربّنا ، أو هي (٢) حكاية لقول الله تعالى عند ذلك ، ثم ذكر قيام الساعة فقال :
٨٣ ـ (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) من للتبعيض أي واذكر يوم نجمع من كلّ أمة ، من الأمم زمرة (مِمَّنْ يُكَذِّبُ) من للتبيين (بِآياتِنا) المنزلة على أنبيائنا (فَهُمْ يُوزَعُونَ) يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا ، ثم يساقون إلى موضع الحساب ، وهذه عبارة عن كثرة العدد ، وكذا الفوج عبارة عن الجماعة الكثيرة.
٨٤ ـ (حَتَّى إِذا جاؤُ) حضروا موقف الحساب والسؤال (قالَ) لهم تعالى تهديدا (أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي) المنزّلة على رسلي (وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً) الواو للحال ، كأنه قال أكذّبتم بآياتي بادىء الرأي من غير فكر ولا نظر يؤدي إلى إحاطة العلم بكنهها ، وأنها حقيقة بالتصديق أو بالتكذيب (أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) حيث لم تتفكروا فيها فإنكم لم تخلقوا عبثا.
__________________
(١) الثعلبي من حديث حذيفة بن اليمان.
(٢) ليس في (ز) هي.