(قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٧٤) وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٧٥) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٧٦)
٧٢ ـ (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) استعجلوا العذاب الموعود فقيل لهم عسى أن يكون ردفكم بعضه ، وهو عذاب يوم بدر ، فزيدت اللام للتأكيد كالباء في : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (١) أو ضمّن معنى فعل يتعدّى باللام نحو دنا لكم ، وأزف لكم ، ومعناه تبعكم ولحقكم ، وعسى ولعل وسوف في وعد الملوك ووعيدهم يدلّ على صدق الأمر وجدّه ، فعلى ذلك جرى وعد الله ووعيده.
٧٣ ـ (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ) أي إفضال (عَلَى النَّاسِ) بترك المعاجلة بالعذاب (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) أي أكثرهم لا يعرفون حقّ النعمة فيه ولا يشكرونه فيستعجلون العذاب بجهلهم.
٧٤ ـ (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُ) تخفي (صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ) يظهرون من القول ، فليس تأخير العذاب عنهم لخفاء حالهم ولكن له وقت مقدر أو أنه يعلم ما يخفون وما يعلنون من عداوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومكايدهم وهو معاقبهم على ذلك بما يستحقونه ، وقرىء تكنّ يقال كننت الشيء وأكننته إذا سترته وأخفيته.
٧٥ ـ (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) سمى الشيء الذي يغيب ويخفى غائبة وخافية والتاء فيهما كالتاء في العاقبة والعافية ونظائرهما الرمية والذبيحة والنطيحة في أنها أسماء غير صفات ويجوز أن يكونا صفتين وتاؤهما للمبالغة كالرواية ، كأنه قال وما من شيء شديد الغيبوبة إلا وقد علمه الله وأحاط به وأثبته في اللوح المحفوظ ، والمبين الظاهر البيّن لمن ينظر فيه من الملائكة.
٧٦ ـ (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) أي يبيّن لهم (أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) فإنهم اختلفوا في المسيح فتحزّبوا فيه أحزابا ، ووقع بينهم التناكر في أشياء كثيرة حتى لعن بعضهم بعضا ، وقد نزل القرآن ببيان ما اختلفوا فيه لو أنصفوا
__________________
(١) البقرة ، ٢ / ١٩٥.