(لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (٦٥) قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) (٧٠)
سبع سنين حين دعا عليهم النبيّ عليه الصلاة والسلام ، أو قتلهم يوم بدر ، وحتى هي التي يبتدأ بعدها الكلام ، والكلام الجملة الشرطية (إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) يصرخون استغاثة ، والجؤار الصراخ باستغاثة فيقال لهم :
٦٥ ـ (لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ) فإنّ الجؤار غير نافع لكم (إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ) أي من جهتنا لا يلحقكم نصر ومعونة.
٦٦ ـ (قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) أي القرآن (فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ) ترجعون القهقرى ، والنكوص أن يرجع القهقرى ، وهو أقبح مشية لأنه لا يرى ما وراءه.
٦٧ ـ (مُسْتَكْبِرِينَ) متكبرين على المسلمين ، حال من تنكصون (بِهِ) بالبيت ، أو بالحرم ، لأنهم يقولون لا يظهر علينا أحد لأنا أهل الحرم ، والذي سوّغ هذا الإضمار شهرتهم بالاستكبار بالبيت ، أو بآياتي لأنها في معنى كتابي ، ومعنى استكبارهم بالقرآن تكذيبهم به استكبارا. ضمّن مستكبرين معنى مكذبين فعدّي تعديته ، أو يتعلق الباء بقوله (سامِراً) تسمرون بذكر القرآن وبالطعن فيه ، وكانوا يجتمعون حول البيت يسمرون ، وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن وتسميته شعرا وسحرا ، والسامر نحو الحاضر في الإطلاق على الجمع ، وقرىء سمّارا ، أو بقوله (تَهْجُرُونَ) هو من الهجر الهذيان ، تهجرون نافع من أهجر في منطقه إذا أفحش.
٦٨ ـ (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) أفلم يتدبروا القرآن ليعلموا أنه الحقّ المبين فيصدّقوا به وبمن جاء به (أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) بل أجاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين ، فلذلك أنكروه واستبدعوه.
٦٩ ـ (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ) محمدا بالصدق والأمانة ، ووفور العقل وصحة النسب ، وحسن الأخلاق ، أي عرفوه بهذه الصفات (فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) بغيا وحسدا.
٧٠ ـ (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) جنون وليس كذلك ، لأنهم يعلمون أنه أرجحهم عقلا وأثقبهم ذهنا (بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِ) الأبلج والصراط المستقيم ، وبما خالف