(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ (٧٤) وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٧٥)
شهواتهم وأهواءهم ، وهو التوحيد والإسلام ولم يجدوا له مردّا ولا مدفعا فلذلك نسبوه إلى الجنون (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) وفيه دليل على أنّ أقلهم ما كان كارها للحقّ بل كان تاركا للإيمان به أنفة واستنكافا من توبيخ قومه ، وأن يقولوا صبأ وترك دين آبائه كأبي طالب.
٧١ ـ (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُ) أي الله (أَهْواءَهُمْ) فيما يعتقدون من الآلهة (لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) كما قال : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (١) (وَمَنْ فِيهِنَ) خصّ العقلاء بالذكر لأنّ غيرهم تبع (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) بالكتاب الذي هو ذكرهم ، أي وعظهم ، أو شرفهم ، لأنّ الرسول منهم والقرآن بلغتهم ، أو بالذكر الذي كانوا يتمنونه ويقولون : (لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ) (٢) الآية (فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ) بسوء اختيارهم.
٧٢ ـ (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) حجازي وبصري وعاصم ، خرجا فخرج شامي ، خراجا فخراج عليّ وحمزة ، وهو ما تخرجه إلى الإمام من زكاة أرضك ، وإلى كلّ عامل من أجرته وجعله ، والخرج أخصّ من الخراج تقول خراج القرية وخرج الكردة (٣) ، فزيادة اللفظ لزيادة المعنى ، ولذا حسنت القراءة الأولى يعني أم تسألهم على هدايتك لهم قليلا من عطاء الخلق ، فالكثير من الخالق خير (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) أفضل المعطين.
٧٣ ـ (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو دين الإسلام فحقيق أن يستجيبوا لك.
٧٤ ـ (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) لعادلون عن هذا الصراط المذكور ، وهو الصراط المستقيم.
٧٥ ـ (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ) لما أخذهم الله بالسنين حتى أكلوا
__________________
(١) الأنبياء ، ٢١ / ٢٢.
(٢) الصافات ، ٣٧ / ١٦٨.
(٣) في (ز) الكوفة ، والكردة : المزرعة (انظر القاموس ١ / ٣٣٣ و ٢ / ٢٦).