(ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣٢) وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) (٣٤)
٣١ ـ (ثُمَّ أَنْشَأْنا) خلقنا (مِنْ بَعْدِهِمْ) من بعد قوم نوح (قَرْناً آخَرِينَ) هم عاد قوم هود ، ويشهد له قول هود : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) (١) ومجيء قصة هود على أثر قصة نوح في الأعراف وهود والشعراء.
٣٢ ـ (فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ) الإرسال يعدّى بإلى ولم يعدّ بفي هنا وفي قوله : (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ) (٢) (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ) (٣) ولكن الأمة والقرية جعلت موضعا للإرسال كقول رؤبة : أرسلت فيها مصعبا ذا إقحام (رَسُولاً) هودا (٤) (مِنْهُمْ) من قومهم (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) أن مفسرة لأرسلنا ، أي قلنا لهم على لسان الرسول اعبدوا الله.
٣٣ ـ (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ) ذكر مقال (٥) قوم هود في جوابه في الأعراف (٦) وهود (٧) ، بغير واو لأنه على تقدير سؤال سائل قال : فما قال قومه؟ فقيل له : قالوا كيت وكيت ، وههنا مع الواو لأنه عطف لما قالوه على ما قاله الرسول ، ومعناه أنه اجتمع في الحصول هذا الحقّ وهذا الباطل وليس بجواب للنبي صلىاللهعليهوسلم متصل بكلامه فلم يكن بالفاء وجيء بالفاء في قصة نوح لأنه جواب لقوله واقع عقيبه (الَّذِينَ كَفَرُوا) صفة للملأ أو لمن قومه (٨) (وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ) أي بلقاء ما فيها من الحساب والثواب والعقاب وغير ذلك (وَأَتْرَفْناهُمْ) فنعّمناهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بكثرة الأموال والأولاد ما هذا أي النبيّ (إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) أي منه ، فحذف لدلالة ما قبله عليه ، أي من أين يدعي رسالة الله من بينكم وهو مثلكم.
٣٤ ـ (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ) فيما يأمركم به وينهاكم عنه (إِنَّكُمْ إِذاً) واقع في جزاء الشرط وجواب للذين قاولوهم من قومهم (لَخاسِرُونَ) بالانقياد لمثلكم ،
__________________
(١) الأعراف ، ٧ / ٦٩.
(٢) الرعد ، ١٣ / ٣٠.
(٣) الأعراف ، ٧ / ٩٤.
(٤) في (ز) هو هود.
(٥) في (ز) مقالة.
(٦) الآية ٦٦ من سورة الأعراف (قالَ الْمَلَأُ).
(٧) الآية ٥٣ من سورة هود (قالُوا يا هُودُ).
(٨) في (ز) أو لقومه.