(أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٣٩) قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) (٤٠)
ومن حمقهم أنهم أبوا اتباع مثلهم وعبدوا أعجز منهم.
٣٥ ـ (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ) بالكسر نافع وحمزة وعليّ وحفص ، وغيرهم بالضم (وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) مبعوثون للسؤال والحساب والثواب والعقاب ، وثنّي أنكم للتأكيد وحسن ذلك للفصل بين الأول والثاني بالظرف ، ومخرجون خبر عن الأول ، والتقدير أيعدكم أنكم مخرجون إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما.
٣٦ ـ (هَيْهاتَ هَيْهاتَ) وبكسر التاء يزيد ، وروي عنه بالكسر والتنوين فيهما ، والكسائي يقف بالهاء ، وغيره بالتاء ، وهو اسم للفعل واقع موقع بعد ، فاعلها مضمر ، أي بعد التصديق أو الوقوع (لِما تُوعَدُونَ) من العذاب ، أو فاعلها ما توعدون ، واللام زائدة ، أي بعد ما توعدون من البعث.
٣٧ ـ (إِنْ هِيَ) هذا ضمير لا يعلم ما يعنى به إلا بما يتلوه من بيانه ، وأصله إن الحياة (إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) ثم وضع هي موضع الحياة لأنّ الخبر يدلّ عليها ويبيّنها ، والمعنى لا حياة إلا هذه الحياة التي نحن فيها ودنت منا ، وهذا لأنّ إن النافية دخلت على هي التي في معنى الحياة الدالة على الجنس فنفتها ، فوازنت لا التي لنفي الجنس (نَمُوتُ وَنَحْيا) أي يموت بعض ويولد بعض ، ينقرض قرن ويأتي قرن آخر ، أو فيه تقديم وتأخير أي نحيا ونموت ، وهو قراءة أبي وابن مسعود رضي الله عنهما (وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) بعد الموت.
٣٨ ـ (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) أي ما هو إلا مفتر على الله فيما يدّعيه من استنبائه وفيما يعدنا من البعث (وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) بمصدّقين.
٣٩ ـ (قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ) فأجاب الله دعاء الرسول بقوله :
٤٠ ـ (قالَ عَمَّا قَلِيلٍ) (١) ما زائدة أو بمعنى شيء أو زمن ، وقليل بدل منها ، وجواب القسم المحذوف (لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) إذا عاينوا ما يحلّ بهم.
__________________
(١) زاد في (ز) : قليل صفة للزمان كقديم وحديث في قولك ما رأيته قديما ولا حديثا وفي معناه عن قريب.