(فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٢٦) فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) (٢٧)
ربّكم وخالقكم إذا عبدتم غيره مما ليس من استحقاق العبادة في شيء.
٢٤ ـ (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) أي أشرافهم لعوامهم (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) يأكل ويشرب (يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ) أي يطلب الفضل عليكم ويترأس (وَلَوْ شاءَ اللهُ) إرسال رسول (لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) لأرسل ملائكة (ما سَمِعْنا بِهذا) أي بإرسال بشر رسولا ، أو بما يأمرنا به من التوحيد وسبّ آلهتنا ، والعجب منهم أنهم رضوا بالألوهية للحجر ولم يرضوا بالنبوّة للبشر (فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ).
٢٥ ـ (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ) جنون (فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ) فانتظروا واصبروا عليه إلى زمان حتى ينجلي أمره ، فإن أفاق من جنونه وإلّا قتلتموه.
٢٦ ـ (قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ) فلما أيس من إيمانهم دعا الله بالانتقام منهم ، والمعنى أهلكهم بسبب تكذيبهم إياي ، إذ في نصرته إهلاكهم ، أو انصرني بدل ما كذبون ، كقولك هذا بذاك ، أي بدل ذاك ، والمعنى أبدلني من غمّ تكذيبهم سلوة النّصرة عليهم.
٢٧ ـ (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) أي أجبنا دعاءه ، فأوحينا إليه (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) أي تصنعه وأنت واثق بحفظ الله لك ورؤيته إياك ، أو بحفظنا وكلاءتنا كأن معك من الله حفّاظا يكلؤنك بعيونهم لئلا يتعرض لك ولا يفسد عليك مفسد عملك ، ومنه قولهم عليه من الله عين كالئة (وَوَحْيِنا) أمرنا وتعليمنا إياك صنعتها ، روي أنه أوحى إليه أن يصنعها على مثال جؤجؤ الطائر (فَإِذا جاءَ أَمْرُنا) أي عذابنا بأمرنا (وَفارَ التَّنُّورُ) أي فار الماء ، من تنّور الخبز ، أي أخرج سبب الغرق من موضع الحرق ليكون أبلغ في الإنذار والاعتبار ، روي أنه قيل لنوح إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت ومن معك في السفينة ، فلما نبع الماء من التنور أخبرته امرأته فركب ، وكان تنور آدم فصار إلى نوح ، وكان من حجارة ، واختلف في مكانه ، فقيل في مسجد الكوفة ، وقيل بالشام ، وقيل بالهند (فَاسْلُكْ فِيها) فأدخل في السفينة (مِنْ