(فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٧) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩) أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (١٢)
٧ ـ (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) طلب قضاء شهوة من غير هذين (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) الكاملون في العدوان ، وفيه دليل تحريم المتعة والاستمناء (١) بالكفّ لإرادة الشهوة.
٨ ـ (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ) لأمانتهم مكي وسهل ، سمّي الشيء المؤتمن عليه والمعاهد عليه أمانة وعهدا ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) (٢) وإنما تؤدى العيون لا المعاني ، والمراد به العموم في كلّ ما ائتمنوا عليه وعوهدوا من جهة الله عزوجل ومن جهة الخلق (راعُونَ) حافظون والراعي القائم على الشيء بحفظ وإصلاح كراعي الغنم.
٩ ـ (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ) صلاتهم كوفي غير أبي بكر (يُحافِظُونَ) يداومون في أوقاتها ، وإعادة ذكر الصلاة ، لأنها أهمّ ولأنّ الخشوع فيها غير المحافظة عليها ، أو لأنها وحدت أولا ليفاد الخشوع في جنس الصلاة أية صلاة كانت ، وجمعت آخرا ليفاد المحافظة على أنواعها من الفرائض والواجبات والسنن والنوافل.
١٠ ـ (أُولئِكَ) الجامعون لهذه الأوصاف (هُمُ الْوارِثُونَ) الأحقاء بأن يسمّوا ورّاثا دون من عداهم ثم ترجم الوارثون بقوله :
١١ ـ (الَّذِينَ يَرِثُونَ) من الكفار ، في الحديث : (ما منكم من أحد إلّا وله منزلان ، منزل في الجنة ومنزل في النار ، فإن مات ودخل الجنة ورث أهل النار منزله ، وإن مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله) (٣) (الْفِرْدَوْسَ) هو البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر ، وقال قطرب : هو أعلى الجنان (هُمْ فِيها خالِدُونَ) أنّث الفردوس بتأويل الجنة.
١٢ ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) أي آدم (مِنْ سُلالَةٍ) من للابتداء ، والسلالة الخلاصة لأنها تسلّ من بين الكدر ، وقيل إنما سمّي التراب الذي خلق آدم منه سلالة
__________________
(١) في (ظ) و (ز) الاستمتاع.
(٢) النساء ، ٤ / ٥٨.
(٣) كنز العمال ٢ / ٢٩١٣.