ثم إنه أشكل أيضا ، بأن الآية لو سلم دلالتها على وجوب الحذر مطلقا فلا دلالة لها على حجية الخبر بما هو خبر ، حيث إنه ليس شأن الراوي إلا الاخبار بما تحمله ، لا التخويف والانذار ، وإنما هو شأن المرشد أو المجتهد بالنسبة إلى المسترشد أو المقلد (١).
______________________________________________________
(١) هذا اشكال ذكره الشيخ (قدسسره) في الرسائل على الوجوه الثلاثة في الآية وبيانه : ان الوجوه الثلاثة مبنية على وجوب الحذر عقيب الانذار الواجب ، ولا يتم دلالتها على حجية الخبر الا بكون انذار المنذرين انما هو بالرواية منهم والحكاية لما سمعوه ، أما لو كان انذار المنذرين الذي يجب الحذر بعده كان مبنيا على رأي المنذر واعمال اجتهاده فتكون الآية دالة على حجية رأي المجتهد في حق المقلد ولا تكون مربوطة بحجية رواية الراوي وخبره.
واما كون انذار المنذر هو المبتني على رأيه لا على روايته فلان الانذار المشتمل على التخويف هو الذي يقتضي ان يتعقبه الخوف من المنذر ـ بالفتح ـ ومن الواضح ان شأن الراوي بما هو راو نقل ما سمع من الاحكام والمعارف ، ومدلول الحكم الذي ينقله الراوي لا يشتمل على تخويف وتهديد ، وانما مدلوله الطلب اما لفعل الشيء او تركه ، وانما يكون المنذر مخوفا ومهددا بانذاره حيث يعمل رأيه ويقول ـ مثلا ـ هذه الاحكام واجبة او محرمة والوجوب والتحريم تركهما يستلزم سخط الله وعقابه.
والحاصل : ان الذي تفقه بالمعارف والاحكام اذا عمل رأيه كان منذرا ومخوفا ، وكان ما يبلغه انذارا وتخويفا ، واما اذا اقتصر على النقل المحض فلا يكون ما يبلغه انذارا وتخويفا.
وبعبارة اخرى : ان الانذار هو انشاء التخويف من المنذر لا نقله للحكم بما هو نقل محض ، وانشاء المنذر بما هو انشاء منه هو شان المجتهد المرشد لا شان الراوي الناقل ، فان انشاءه مستند الى رأيه واجتهاده ونقله مستند الى روايته وسماعه ، والى