الابتداء فإن الله ابتدأ جميع الخلق ، والألف ابتداء الحروف.
والإستواء عادل غير جائر ، والألف مستو في ذاته.
والانفراد ، والله فرد ، والألف فرد.
واتصال الخلق بالله ، فالله لا يتّصل بالخلق ، وكلّهم محتاجون الى الله والله غنيّ عنهم ، فكذلك الألف لا يتّصل بالحروف والحروف متّصلة به.
وهو منقطع عن غيره ، والله تعالى باين بجميع صفاته عن خلقه.
ومعناه من الألفة : فكما أنّ الله تعالى سبب ألفة الخلق ، فكذلك الألف عليه تألّفت الحروف وهو سبب ألفتها (١).
ولا يخفى أنّ قوله عليهالسلام : «وهو منقطع عن غيره» لبيان عدم احتياج الألف إلى غيره.
وقوله عليهالسلام : «والله سبحانه باين بجميع صفاته عن خلقه» تأكيد لعدم اتصاله بالخلق لكونه قد بعد عن المقام ، أو جملة استينافية لرفع توهم أنّ اتّصاف الألف بتلك الصفات لعلّه من جهة الاشتراك في المعنى والموافقة فيه ، فرفع بها ذلك التوهم ، وبيّن أنّه باعتبار الظليّة والمظهريّة لأنّه سبحانه لا يشركه شيء في شيء ولا يشبهه شيء.
ويحتمل أن يكون الانفصال وعدم الاحتياج عبارة عن وجه واحد وهو رابع الوجوه الستّة ، وقوله : «وهو منقطع» يعني الألف الى قوله : «من خلقه» هو الوجه الخامس ، لكن غيّر الأسلوب هنا حديث قدّم حكم الألف بخلاف المتقدّم ، ولا بأس.
ثم لا يخفي أيضا أنه عليهالسلام ذكر خمسة أوجه فيها لمسمّى الألف وهو ما يعدّ
__________________
(١) نور الثقلين ج ١ ص ٣٠ ـ ٣١ ح ٩.