وأمّا ما يقال : من أنّ هذا الأخير يخالف لما صرّح به المحقّقون من علماء المعاني من أنّه إنّما يفيد القصر إذا لم يكن الخبر معرّفا بلام الجنس ، وإلّا فالقصر من تعريف المسند ، وهو لمجرّد التأكيد ، إلّا أن يجعل اللام في المفلحون عهديّة لا جنسيّة.
ففيه : إنّه مفيد للقصر على كلّ حال ، وإن استفيد ذلك من غيره أيضا في بعض الموارد.
نعم لعلّ الفصل بين القصر والتأكيد إنّما هو لاستفادته في الثاني من المسند الّذي هو أحد ركني الكلام أوّلا باعتبار الرتبة ، وان كان الضمير متقدّما بحسب الذكر ، فما أفاده من القصر تأكيدا للحاصل ولذا جرى الاصطلاح على الفصل بينهما ، وهو سهل.
وإمّا مبتدأ والمفلحون خبره ، والجملة خبر (أُولئِكَ) ، وإن جعلنا لضمير الفصل محلا من الاعراب فالاحتمالان واحد.
معنى الفلاح
والفلاح والفلح لغة هو الفوز والظفر بالمقصود ، ومنه قوله : «ولقد أفلح من كان عقل» أي ظفر بحاجته.
وبمعنى البقاء كقوله : «ولكن ليس للدنيا فلاح» أي بقاء ، وقول لبيد (١) :
نحلّ بلادا كلّها حلّ قبلنا |
|
ونرجو الفلاح بعد عاد وتبّعا |
__________________
(١) هو لبيد بن ربيعة العامري الشاعر المشهور توفي سنة (٤١) عن مائة وخمسين سنة ـ العبر ج ١ ص ٥٠.