وفي قول ذي الرّمة : إنّ الحليم وذوا الإسلام يختلب.
ضعيف جدّا بعد ما سمعت ، وأمّا النّبوي فالمراد به التّخادع لا الانخداع ، والمعنى أنّه يتغافل عن بعض الأمور ويترك البحث عنه ، ولذا عقّبه بالكرم تنبيها على أنّ ذلك ليس جهلا منه ، ولكنّه كرم وحسن خلق ، وأمّا قول عدي فما ذكرناه ظاهر منه حيث قال :
لا خير في الخبّ لا يرجى نوافله |
|
فاستمطروا من قريش كلّ منخدع |
تخال فيه إذا خاتلته بلها |
|
عن ماله وهو وافي العقل والورع |
المراد بالمخادعة
نعم في بعض النّسخ تمامه : انّ الكريم إذا خادعته انخدعا ، وفيه أيضا دلالة لطيفة من حيث التّعليق على الكرم ومنه يظهر أيضا سقوط الاخر ، وقد ظهر ممّا مرّ انّ المخادعة بظاهرها من حيث المادّة والهيئة لا يصحّ اضافتها إلى الله تعالى فانّ العالم الحكيم لا يخدع ولا يخدع ، ولا إلى المؤمنين لأنّهم وإن كانوا يخدعون بمعنى الانخداع أو التّخادع لكنّهم لا يخدعون ولذا ذكروا فيه وجوها : أحدها أنّ المراد مخادعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على حذف المضاف ، أو لما ثبت له من الخلافة الكبرى والرياسة العظمى ، بحيث كان أمره أمره ونهيه نهيه وطاعته طاعته ، ومعصيته معصيته.
قال الله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (١) و (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (٢) (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ
__________________
(١) النساء : ٨٠.
(٢) الأنفال : ١٧.