والشؤون المتقدّمة إذا كانت جارية باذن الله ، واقعة بأمره كلّها شئون امكانيّة كغيرها من الكرامات ، وخوارق العادات الصادرة منهم كالتصرّف في الملك والملكوت ، والاحاطة العلميّة والتدبيريّة باذن الله سبحانه ، وغير ذلك من غرائب أحوالهم الّتي لا يحيط بها أحد غيرهم فلا بأس بالقول بها بعد دلالة قواطع الأدلّة عليها.
التفويض ومعناه الصحيح
ومن جميع ما مرّ مضافا الى ما سمعت في تفسير الصراط المستقيم يظهر لك وجه الجمع بين الأخبار المختلفة في التفويض إليهم فإنّ التفويض الاستقلالي سواء كان منهم بالذات أو من الله سبحانه على وجه التشريك أو الاستبداد كفر وشرك بالله العظيم ، وأمّا على وجه التوسّط في الفيض والاستفاضة فهو الّذي دلّت عليه الأخبار بعد مساعدة الاعتبار.
نعم ذكر شيخنا المجلسي للتفويض إليهم في الأمور التكوينيّة معنيين :
أحدهما : أنّهم يخلقون ويرزقون ويميتون ويحيون وأنّهم يفعلون جميع ذلك بقدرتهم وارادتهم ، وهم الفاعلون حقيقة ، قال : فهذا كفر صريح دلّت على استحالته الأدلة العقليّة والنقليّة ، ولا يستريب عاقل في كفر من قال به.
وثانيهما أنّ الله تعالى يفعل ذلك مقارنا لإرادتهم ، كشقّ القمر ، وإحياء الموتى ، وقلب العصا حيّة ، وغير ذلك من المعجزات ، فإنّ جميع ذلك إنما يحصل بقدرته تعالى مقارنا لإرادتهم لظهور صدقهم ، فلا يأبى العقل من أن يكون الله تعالى خلقهم واكملهم وألهمهم ما يصلح في نظام العالم ، ثمّ خلق كل شيء مقارنا لإرادتهم ومشيّتهم.
قال : وهذا وإن كان العقل لا يعارضه كفاحا ، لكن الأخبار السالفة تمنع من