الّتي نبّه عليها في صدر كلامه كما لا يخفى.
وأما تحقيق الحقّ في أعدادها واختلافاتها فلا يحضرني شيء من الكتب المصنّفة في ذلك لأصحابنا وغيرهم ، والخطب سهل في مثله ، كسهولته في ضبط كلماتها وحروفها بعد اختلافهم في كيفيّة اعتبارهما حسب ما مرّت الإشارة إليه في الفاتحة.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم) الكلام فيها وفي غيرها من فواتح السور القرآنيّة الّتي هي المفاتح للغيوب الإمكانيّة ، والحقائق العرفانيّة يستدعي رسم مباحث :
البحث الأول : العوالم الإلهية
اعلم أنّ لله تعالى في ملكه عوالم كلّية وجزئيّة ، ملكيّة وملكوتيّة ، غيبيّة وشهوديّة ، وهذه العوالم مترتّبة متناسبة متطابقة صعودا ونزولا ، وأمر الله المفعولي ينزل في هذه العوالم المتناسبة في السلسلة الطوليّة ، كما أشير إليه بقوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) (١) ، وإن كانت تلك الأوامر كالأوامر الجزئيّة المتنزلة فيها متناسبة أيضا في السلسلة العرضيّة.
عالم الحروف
ومن جملة تلك العوالم المتنزّلة الى الناسوت عالم الحروف ، فإنّها مع
__________________
(١) سورة السجدة : ٥.