المعنى الصحيح الواقع المشهود له بمعاني التنزيل (١) بل علّل الأخير كونه إبطالا للمقصود بأنّ الغرض تهويل شأنها وتفاقم لهبها بحيث تتّقد بما لا يتّقد به غيرها ، والكبريت تتّقد به كلّ نار وإن ضعفت فإن صحّ هذا عن ابن عباس فلعلّه عنى به أنّ الأحجار كلّها لتلك النّار كحجارة الكبريت لسائر النّيران (٢).
ففيه أنّ ضعف الوجهين واضح ، أمّا الأوّل فلصحّة النقل من طرقنا بل ومن طريق من خالفنا فإنّهم حكوه في تفسير الآية عن ابن مسعود كما رواه عنه الطبراني والحاكم والبيهقي وغيرهم وعن ابن عباس كما رواه ابن جرير (٣) وغيره.
وأمّا الثاني فلأنّ حجارة الكبريت أشدّ حرّا وضرّا وأسرع وقودا وأبطأ خمودا وأكثر التهابا وأفظع ايلاما ، وتزيد على غيرها من الأحجار بشدّة نتن الرّيح والسيلان على الأبدان والالتصاق بها والإحاطة عليها بحرارتها المنضمّة إلى حرارة النّار فهي نار جامدة إذا مسّتها النّار ذابت نارا ، ألا ترى أنّ الرّيح إذا هبّت على بعض الجبال الكبريتيّة عادت سموما كالحميم ، (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) (٤).
على أنّ ما استفادوه من الحصر والاختصاص ممنوع بل هو على فرضه ملحوظ باعتبار آخر ، وهو صيرورة الأحجار كبريتا في جهنّم كما يومئ إليه «خبر البصائر» في دعائه صلىاللهعليهوآله للرّمل أن لا يجعله الله من كبريت جهنم (٥) ، ولذا نقول إنّها تشمل الأصنام المتّخذة من الحجارة ، بل المتّخذ من المعادن والفلزات وغيرها بناء
__________________
(١) الكشاف ج ١ ص ٢٥٢.
(٢) تفسير البيضاوي ج ١ ص ٥٨.
(٣) تفسير الطبري ج ١ ص ١٩٣ ـ ١٩٤.
(٤) الذاريات : ٤٢.
(٥) البصائر : ١٤٨.