وظلمة النفاق ، وظلمة يوم القيامة (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) (١) أو الظلمات الحاصلة بترك الطّاعات وفعل المعاصي فانّ كل فعل أو ترك منها سبب لظلمة حاصلة في القلب ، متجوهرة محيطة به يوم القيامة.
ولذا ورد الظلم ظلمات يوم القيامة (٢).
وفسّرها الامام عليهالسلام بظلمات أحكام الآخرة وجعل مرجعه إلى الأخير (٣).
ثمّ إنّ هذه الوجوه مختصّة بالممثل وأما الأول فيجري فيه وفي المثل ، والمفعول الساقط من (لا يُبْصِرُونَ) متروك مطرّح لم يقصد إلى اخطاره بالبال أصلا فضلا عن تقديره وإضماره ، حتّى كان الفعل معه غير متعدّ ، ويمكن أن يقدّر منكّرا عاما أي لا يبصرون شيئا ، وأن يكون المراد أنّهم لا يفعلون الإبصار إذ فرق بيّن بين فقد الإبصار وفقد البصر أو المبصر.
ثمّ أنّه ربما يتوهّم أنّ الآية مثل ضربه الله لمن أتاه ضرب من الهدى فاضاعه ولم يتوصّل إلى نعيم الأبد فبقي متحيّرا ومتحسّرا تقريرا وتوضيحا لما تضمّنته الآية الاولى ، ويدخل تحت عمومه هؤلاء المنافقون ومن آثر الضلالة على الهدى المجعول له بالفطرة أو ارتد عن دينه بعد ما آمن ومن صحّ له أحوال الارادة فادّعى أحوال المحبّة فاذهب الله عنه ما أشرق عليه من نور الارادة.
وفيه أنّه لا عموم في الآية بل ظاهرها كون المثل للمنافقين الّذين سيقت الآيات المتقدّمة للكشف عن حالهم وشرح غيّهم وضلالتهم ، نعم لا بأس في شمول
__________________
(١) الحديد : ١٣.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٣٣٢.
(٣) البرهان ج ١ ص ٦٥.