كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ) (١).
وفي الاحتجاج عن صفوان بن يحيى قال سئلني أبو قرّة المحدّث صاحب شبرمة (٢) ، أن ادخله إلى أبي الحسن الرّضا عليهالسلام فاستأذنته فأذن له فدخل فسئله عن أشياء من الحلال والحرام والفرائض والأحكام حتى بلغ سئواله الى التوحيد فقال له : أخبرني جعلني الله فداك عن كلام الله تعالى لموسى فقال : الله أعلم بأيّ لسان كلّمه بلسان السريانية أم بالعبرانية ، فأخذ أبو قرّة بلسانه ، فقال : إنّما أسئلك عن هذا اللسان ، فقال أبو الحسن عليهالسلام سبحان الله مما تقول ومعاذ الله أن يشبه خلقه أو يتكلّم بمثل ما هم به متكلّمون ولكنه ـ عزوجل ـ ليس كمثله شيء ولا كمثله قائل فاعل قال : كيف ذلك؟ قال : كلام الخالق لمخلوق ليس ككلام المخلوق لمخلوق ولا يلفظ بشقّ فم ولا لسان ولكنه يقول له كن فكان بمشيته ما خاطب به موسى من الأمر والنهي من غير تردّد من نفس ، فقال له أبو قرّة : فما تقول في الكتب؟ فقال أبو الحسن عليهالسلام : التورية والإنجيل والزبور والقرآن وكلّ كتاب انزل كان الله أنزله للعالمين نورا وهدى وهي كلّها محدثة وهي غير الله تعالى حيث يقول : (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) (٣) ، والله أحدث الكتب كلها وهو الذي أنزلها فقال أبو قرة : فهل تفنى؟ فقال أبو الحسن عليهالسلام : أجمع المسلمون على أن ما سوى الله فان وما سوى الله فعل الله والتورية والإنجيل والزبور والقرآن فعل الله
__________________
(١) الشعراء : ٥.
(٢) ابن شبرمة عبد الله البجلي الكوفي كان قاضيا لأبي جعفر المنصور على سواد الكوفة ، وكان شاعرا توفى سنة ١٤٤ ه.
(٣) الأنبياء : ٢.