أقول : وهو غريب جدا فإنه مع التصريح بكونه عين الذات كيف يتصور كونه من صفات الأفعال وكيف يكون متأخّرا عن الذات ، وأغرب من ذلك استشهاده بالخبر الصريح في الحدوث ، وبالجملة ففي مواضع من كلامه رحمهالله شهادة على حدوثه ، ومع ذلك فكيف يكون عين ذاته ، وهذا الكتاب لم أظفر به بل لم أره في فهرس مؤلفاته المذكورة في «اللّؤلؤة» إلّا أنّ من حكى عنه أعلم بما حكاه.
اعلم أنّ القرآن كما سمعت كان نورا من أنوار القدس متجلّيا تحت حجاب الواحدية في علم المشيّة بعد التمكين والتكوين في صقع التدوين وهو رشحة من رشحات رحمته الكلّية السارية في عالم الأكوان الجامعة لجميع مراتبها في جميع العوالم وهو الروح الذي هو عن أمر ربنا (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١) ، يعني أنّه (صلىاللهعليهوآله) كان أولا في مقام العبودية المحضة مستغرقا في الإقبال الكلي الذي لا التفات معه إلى غيره أصلا ولذا نسب إليه صلىاللهعليهوآله نفي الدرايّة أو لأنه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ليس له من ذاته في صقع وجوده شيء من الفيوض والشئون حتى العلوم والمعارف التي تكاد تكون من لوازم ذاته القدسية الشريفة وإنّما الكل من عنده سبحانه : (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) (٢).
__________________
بذاته ، قديم ، وقد قامت البراهين على ابطال ما سوى المذهب الأول ، وتشهد البديهة ببطلان بعضها ، وقد دلّت الأخبار الكثيرة على بطلان كلّ منها ، نعم القدرة على إيجاد الكلام قديمة غير زائدة على الذات وكذا العلم بمدلولاتها ، وظاهر أنّ الكلام غيرهما.
(١) الشورى : ٥٢.
(٢) آل عمران : ٧٣.