نقصا.
قلت : ولعلّ مراد المشهور غير ذلك ، والخطب سهل فيه بل وفي التأمل في آخر كلامه.
تاسعها ما ربما يحكي عن المنتمين إلى التصوف والتقشّف (١) ، الذين هم من أصحاب الأخدود القائلين بوحدة الوجود ، وهؤلاء وإن كانوا مختلفين في هذا الباب إلّا أنا اقتصرنا على بعض كلماتهم في المقام خوف الإطناب.
قال ابن العربي في أول ما سماّه «بالفتوحات» (٢) ، تكلّم سبحانه لا عن صمت متقدّم ولا سكوت متوهّم بكلام قديم أزلي كسائر صفاته من علمه وإرادته وقدرته كلّم موسى عليهالسلام وسماّه التنزيل والزبور والتورية والإنجيل من غير حروف ولا أصوات ولا نغم ولا لغات بل هو خالق الأصوات والحروف واللّغات إلخ.
وقد صرّح سابقا بقدم إرادته في قوله ولم يزل سبحانه موصوفا بهذه الإرادة أزلا والعالم معدوم غير موجود وإن كان ثابتا في العلم في عينه ثم أوجد العالم عن العلم السابق وتعيين الإرادة المنزّهة الأزلية القاضية على العالم بما أوجدته عليه من
__________________
(١) تقشف : ضدّ تنعم ـ تقشف في لباسه أي تبلغ بالمرقع والوسخ.
(٢) الفتوحات المكية في معرفة اسرار المالكية والملكية ـ مجلدات للشيخ محيي الدين محمّد بن علي المعروف بابن عربي الطائي المالكي المتوفى سنة ٦٣٨ ه ، من أعظم كتبه وآخرها تأليفا وادّعى فيه ما ينبئي عن جنونه أو كفره ، قال في الباب الثامن والأربعين :
اعلم أنّ ترتيب أبواب الفتوحات لم يكن عن إختيار ولا عن نظر فكري وإنمّا الحق تعالى يملي لنا على لسان ملك الإلهام جميع ما نسطره ، وقد نذكر كلاما بين كلامين لا تعلّق له بما قبله ولا بما بعده وذلك شبيه بقوله سبحانه : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) بين آيات طلاق ونكاح ، وعدة ووفاة ، وكان الفراغ من هذا الكتاب المترتب على ٥٦٠ بابا.