الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (١) (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (٢) ولظهور أنوار الهداية منه ظهورا تامّا عامّا متشعشعا قالت الجنّ لمّا سمعته : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) (٣) ، وقالوا أيضا : (إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤).
ومنها التنزيل (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) (٥) ، (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ) (٦).
والتفعيل للتكثير لكثرة مراتب نزوله الى أن وصل الى هذا العالم ، وذلك لعلوّ رتبته وارتفاع درجته ، ولذا عبّر بالمصدر المنبئ عن مقام الفعل لا الاسم.
ومنها الروح : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (٧) ، قال مولانا الباقر (عليهالسلام): إنّه الكتاب والنبوّة (٨).
قلت : وذلك لأنّه يحيى به القلوب الميتة بالجهل وظلمة المعاصي وهو من عالم الأمر لا الخلق وإن تنزل إليه ففي تفصيل لذكر مبدئه ومنتهاه وستسمع تمام الكلام في حقيقة الروح وأقسامه وخصوص روح القدس والروح من أمر الربّ والروح الأمين ، وأنّ القرآن هو الروح من أمر الرّب (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) (٩) ،
__________________
(١) النحل : ٨٩.
(٢) الإسراء : ٩.
(٣) الجن : ١ ـ ٢.
(٤) الأحقاف : ٣٠.
(٥) الشعراء : ١٩٢ ـ ١٩٣.
(٦) فصلت : ٢ ـ ٣.
(٧) النحل : ٢.
(٨) الصافي للفيض الكاشاني مرسلا : ص ٨١٦.
(٩) الشورى : ٥٢.