وقيل : كان الرجل يسلم من قومه وهم مشركون ، فيغزوهم من جيش المسلمين فيقتل الرجل فيمن يقتل ، فنزلت الآية.
عن عطاء (١) : وقيل : نزلت في أبي الدرداء وذلك أنه كان في سرية فعدل إلى شعب لحاجة له ، فوجد رجلا في غنيمة له فحمل عليه بالسيف ، فقال : لا إله إلا الله ، فبدر بضربه ، ثم جاء بغنمه إلى قومه فوجد في نفسه شيئا ، فذكر ذلك للرسول عليهالسلام فقال : «ألا شققت عن قلبه ، وقد أخبرك بلسانه ولم تصدقه» ، فنزلت الآية ، عن ابن زيد (٢).
المعنى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) ، في معنى ذلك أقوال للمفسرين :
الأول : ذكره جار الله أي : ما صح له وما لاق مثل : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) ثم قال : (إِلَّا خَطَأً) أي : إلا حال خطائه ، أو إلا قتلا خطأ (٣).
القول الثاني : أن إلا عاطفة ، وليس باستثناء بل هي بمعنى الواو ، والتقدير : وما كان له أن يقتل عمدا ولا خطأ ، ونظيره قوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي : ولا الذين ظلموا (٤) ، وقال الشاعر :
ما بالمدينة دار غير واحدة |
|
دار الخليفة إلا دار مروانا |
__________________
(١) التهذيب (خ).
(٢) الطبري (٤ / ٢٠٦) ، زاد المسير (٥ / ١٩١) ، ابن كثير (١ / ٨٤٥) ، الخازن (١ / ٤٠٩).
(٣) الكشاف (١ / ٥٥٢).
(٤) فيما ذكر نظر ؛ لأن قوله : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) ليست إلا بمعنى الواو ، بل على أنها للاستثناء ، كأنه قال : إلا الذين ظلموا ، وهم كفار قريش فبقيت لهم الحجة ، وهو أنهم قالوا : صلى محمد إلى الكعبة التي هي متعبدنا ، هكذا ذكر الزمخشري هذا المعنى. (ح / ص).