وأما في الشرائع فيجوز ؛ لأن كل مجتهد فيها مصيب ، ولذلك قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خلاف أمتي رحمة» (١) ، وسماهم الله تعالى منافقين ، وإن أظهروا الكفر تسمية بما كانوا عليه من قبل ، عن الحسن.
قوله تعالى
(فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) [النساء : ٨٩]
ثمرة الآية : تحريم موالاة الكفار ، لكن قد فسرت الموالاة هنا بالمخاللة ، وقيل : لا تخذوا منهم معينا ولا ناصرا ، وتكون كما في آخرها (وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) وهي تفيد أنه لا يستعان بالكافر.
وفي صحيح مسلم ما يطابق هذا ، وهو ما روي بالإسناد إلى عائشة زوج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج قبل بدر ، فأدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ، ففرح أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين رأوه ، فلما أدركه قال للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : جئت لأتبعك ، وأصيب معك ، فقال له عليهالسلام : «تؤمن بالله ورسوله»؟ قال : لا. قال : «فارجع فلن أستعين بمشرك».
وقالت الأئمة عليهمالسلام والفقهاء : إن استعان بالمشركين على قتال مشركين آخرين جاز.
قال في (الشفاء) : وروي أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم استعان بالمشركين يوم حنين ، وكان معه ألفان.
__________________
(١) أخرجه الهندي في منتخبه (٤ / ١٢٧) ، وعزاه لنصر المقدسي في الحجة ، واليهقي في رسالة الأشعرية بغير سند ، وأورده الحليمي والقاضي حسين وإمام الحرمين وغيرهم.