وعند أصحابه لا يدفع إليه أبدا ، إلا بإيناس الرشد ، وإنما قدر أبو حنيفة بخمس وعشرين ؛ قال في الكشاف ؛ لأن البلوغ بثمانية عشر سنة ، وزيد سبع ؛ لأنه يتعلق بالسبع حكم ، وهو أمر الصبي بالصلاة.
وفي الثعلبي : لأن هذه المدة يصير فيها جدا ، من حيث أنه يحصل منه الحبل ببلوغ اثنتي عشرة سنة ، ومدة الحمل ستة أشهر ، وابنه كذلك.
فإن بلغ مصلحا لماله ثم تغير ، فعند أبي حنيفة لا يحجر عليه ، وعند أبي يوسف ، والناصر ، والشافعي يحجر عليه ، وعند محمد صار محجورا بالتبذير ، وعندنا أن التبذير لا يوجب الحجر ؛ لأنه تصح مداينته ، لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ) [البقرة : ٢٨٢] ولم يفصل.
ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه) والمبذر إذا تصرف فقد طابت به نفسه ، ولحديث حبان بن منقذ (١) فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم صحح بيعه ، وإن ثبت الخيار.
قال الحاكم : إذا وجب على الولي حفظ مال اليتيم حتى يؤنس منه الرشد دل ذلك على انه يجب على القاضي حفظ مال الغائب والمفقود ؛ لأنه أوكد حالا ، وقد ذكر أبو مضر أيضا : أن من وجد حيوان الغير يجود بنفسه ، وهو مما يؤكل لزمه ذبحه ، وإن أخل بذلك أثم ، ولم يضمن ، بخلاف ما لو كان في يده وديعة ، فإنه يضمن إذا أخل بذبحه ؛ لأن ذلك إساءة للحفظ.
وأما وجوب الدفع إليه بعد إيناس الرشد ـ والإيناس : الاستيضاح ـ فذلك واجب بظاهر الآية ، ولكن ما المراد بالدفع؟ إن كان التخلية فذلك
__________________
(١) حديث حبان بن منقذ أخرجه البخاري عن ابن عمر في كتاب البيوع ، وكذا أخرجه مسلم عن ابن عمر. حبان : بفتح الحاء المهملة ، وبالباء الموحدة المشددة.