قيل : نزلت في قوم صافوا بعض المشركين من اليهود ، لما كان بينهم في الجاهلية من الصداقة والرضاعة ، والجوار ، روي ذلك عن ابن عباس ، والحسن
وقيل : نزلت في قوم من المؤمنين ، كانوا يصافون المنافقين ، ويخالطونهم ، فنهوا عن ذلك ، عن مجاهد ، وأبي مسلم ، والقاضي.
قال الحاكم : وهو اللائق ؛ لأن وصفهم يأتي من بعد.
واختلف في الاستعانة بهم ، فالمذهب جوازه ، كما تقدم (١) ، إذا لم يتعمد على مشورتهم ، ومنهم من منعه ، وهو مروي عن عمر ، وروي أن عمر استدل على منعه بالآية.
وقوله تعالى : (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) أي : لا يقصرون في إنالتكم الخبال ، وهو الفساد ، قال في الثعلبي : وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (لا تستضيئوا بنار المشركين) أي : لا يعمل برأيهم.
وروي أن أبا موسى الأشعري ، قال لعمر : «إن عندنا كاتبا نصرانيا حافظا ، من شأنه كيت وكيت؟ فقال : ما لك قاتلك الله ، أما سمعت قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) وقوله تعالى : (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) [المائدة : ٥١] هلا اتخذت حنيفيا ، قال : «فقلت (٢) : له دينه ، ولي كتابته؟ قال : لا أكرمهم إذ أهانهم الله تعالى ، ولا أعزهم إذ أذلهم الله تعالى ، ولا أدنيهم إذ أبعدهم الله تعالى» (٣).
__________________
(١) تقدم في قوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) الآية في هذه السورة.
(٢) في نسخة (قال : قلت : له دينه).
(٣) وسيأتي إعادة ذكره في آخر المائدة في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ).